الصبر مفتاح الفرج

يظن أكثر الناطقين بلغة الضاد أن أهلها من ذوي الكلام ، "وأن الكلام كالظن لايغني عن الحق شيئاً " ، وفيما قرأت سابقاً مقالة قديمة تقول " أن الله أنزل ثلاثة ملكات (مواهب) على ثلاثة جوارح في أمم ثلاث ، فأنزل الحكمة على رؤوس اهل اليونان ، والحرفة على أيادي أهل الصين ، والبلاغة على السنة العرب " ، ولمن يقرأ هذه المقالة يرى لأول وهلة ، أن أهل اليونان واهل الصين أستأثروا بالتدربير العقلي والعملي ، بينما كانت حصة العرب التدبير النظري ، أي الكلام ، ما لا أثر له واقعاً .

ولكن لمن يمعن النظر ويتدبر هذه المقالة ، يرى أن البلاغة احتوت الحكمة بأفضل مقالة وأعطت الحرفة مثالاً للإبداع ، فليطرزوا العرب حكمتهم وأعمالهم كما يطرزون كلامهم بأحلى طراز ، ومن هذا الديباج : الحكم والمأثورات العربية ومناسبة هذا التقديم أن ما يجري من إرهاصات في الشارع العراقي الذي يتساءل عما يفعل في الجمعة اللاحقة ، وما الذي سيحدث وفيما إذا حدث كيف سيكون الرد ؟ .

ولكي اكون منصفاً مع الناس ومع من ننتظر منه الاصلاح أرى أن من أفضل ما يسعفني في بلاغة وحكمة العرب هي تلك الحكمة التي عنونت فيها مقالتي " الصبر مفتاح الفرج " وهذه الحكمة قد يراها البعض تثبيطاً لعزيمة الناس وانتظاراً لعمل غير مأمول ، ولكن الإمعان في بلاغة العرب وحكمتهم تدعوني إلى تبني هذه المقالة فالصبر في ميدان التظاهرات بتحديد اجندة اصلاح قابلة للتنفيذ ، والتركيز على أن الجميع يطالب بالإصلاح وان الأمر موكول بمن وثق به الجميع وأيده للمباشرة فيه فادعموه واطلبوا من البقاء على الخط القويم كما بدأ وتعهد بالاستمرار حتى القضاء على آخر معقل للفساد .

فالصبر المطلوب صبراً على مسك الجمر وان لا تلين العزيمة فالفاسدون يراهنون على تثبيط عزيمتكم فالحذر الحذر مما يراهنون عليه والحذر الحذر منهم .