العراق ، هوامش من التاريخ والمقاومة

تأليف : عبد الرحمن منيف 
الدار البيضاء ، بيروت ٢-;-٠-;-٠-;-٣-;- 
بين يدي الآن كتاب المفكر العربي الكبير، المرحوم عبد الرحمن منيف ، " العراق : هوامش من التاريخ والمقاومة " وقد شرعت بقراءته قراءة تهدف إلى تقديم خلاصة جامعة عنه لمن لم يقرأه بعد ، ولقد وجدت أن خير ما يعطي صورة مبسطة وسهلة وحقيقية عن مضمون هذا الكتاب ، هو ماكتبه عبد الرحمن منيف نفسه ، والذي وضعه الناشر على غلاف الكتاب من الجهتين ، إضافة إلى مقطع هام أخذته من آخر صفحة ( ص٢-;-٠-;-٦-;- ) في الكتاب . إنني أعرف أن هذه الخلاصة التي سأقدمها على لسان مؤلف الكتاب ، لاتغني عن تقديم عرض مفصل لمضمون هذا الكتاب الهام ، وهو ماسيكون موضوع مقالة خاصة بهذا الموضوع في الأيام القادمة إنشاء الله . 

يقول المرحوم عبد الرحمن منيف ، حول مضمون كتابه عن العراق مايلي : 
أثناء تحضيري لرواية " أرض السواد " ( رواية في ثلاثة أجزاء ، صدرت في بير ت عن المركز الثقافي العربي والمؤسسة العربية للدراسات والنشر , م ز ) ، تكونت لدي ، من خلال قراءاتي في كتب التاريخ والمذكرات حول تاريخ العراق ، مجموعة من الهوامش ، كنت أراها مهمة في تكوين ذاكرة تاريخية ، ولكي لايكون التاريخ مجرد سجل بارد للموتى ، وإنما حياة موّارة تعج بالأمثولات الحية والمعارف والمقارنات . 
ومع كل يوم من الأيام الصعبة التي مرت على العراق ، كانت هذه الهوامش تحضر في ذاكرتي ، متأملا هذا البلد العربي ، الشديد الأهمية بموقعه وثرواته ، وهو يتعرض ربما لأقسى محنة في تاريخه ، قد تخلط الأوراق ، تمهيدا لكتابة تاريخ من نمط جديد ، هو تاريخ المنتصر ، وبالتالي تغييب وقائع ، واستحضار غيرها أو بدل عنها. 
لابد من الوقوف في وجه الدخيل المزوّر في هذه الموجة الجديدة ، ورد الاعتبار للقيم والمفاهيم التي قامت عليها المراحل السابقة . فالوطنية مثلا ، ليست قيمة بالية يجب الاستغناء عنها ، والحرص على الوطن والتضحية من أجله ، ليس موقفا شوفينياً يجب إنكاره ، بل هو جزء من الدفاع عن النفس وحفظ الأمانة للأجيال القادمة . 
لقد استبيح العراق بشعارات كاذبة لتخليصه من النظام الدكتاتوري وإقامة الديموقراطية بعد أن عجزت أمريكا عن إقناع العالم بامتلاكه لأسلحة الدمار الشامل . 
لقد استبيح العراق بشعارات الديموقراطية وحقوق الإنسان ، فيما استخدم ويستخدم كل يوم أقسى انواع العنف ، والعين على نفطه وموقعه والقيمة الاستراتيجية لذلك . 
لقد أعلن العراق بلدا محتلّاً ، وهو الاحتلال الثاني في منطقتنا . نحن نعرف جيداً المحتل الأول ، ونعرف أيضاً أنه طالما قتلنا بأسلحة المحتل الثاني . والسؤال اليوم ، هل سينتهي زمن تقديمنا أو تقديم أنفسنا كأضحية؟ الجواب يتوقف على أمور كثيرة ، ليست المقاومة إلا واحد منها . وإن كانت المقاومة نفسها تحتاج إلى نقاش ، إلا أنها على رأس الأولويات . 
إن الرأسمال الحقيقي للعراق ، ثم للأمة العربية ليس هذه الأسلحة التي تتكدس ، وليست القصور التي تبنى ، وإنما هم المواطنون الأحرار الواعون ، وفي القمة من هؤلاء النخب ، وخاصة العلماء ، وذوو المهارات المميزة والقادرون على مواجهة أية هزيمة والخروج منها . لقد كانت ألمانيا واليابان نموذجين نادين على إعادة خلق الأمم ومواجهة التحديات وتجاوز الأزمات . وجدير بنا ؟ نحن أبناء الأمة العربية من أقصاها إلى أقصاها ، أن نصمد في هذه المحنة ، وأن نضع سلّماً جديدا للمهمات والأولويات ، وأن نحول الهزيمة إلى حافز للنهوض وإعادة البناء . ( الكتاب ص ٢-;-٠-;-٦-;- ) .