مومياوات بأرواح جديدة |
قومٌ تحركهم المشاعر وتقودهم الشعارات تجمعهم الطبول وتفرقهم العصي ينقادون لمن يسيرون بهم بلا هدى ، طمعاً بالقليل ، او نيل رضا ، آفاقهم بلا عقول ، وتفكيرهم في المجهول ، يقودهم اقزامٌ , بسراب الصيف وضباب الشتاء الغرق بالأوهام وميل هوى الانفس , وتساقط وعود الخريف ونسائم الربيع المهدئة لانفعالاتهم الوقتية بطعم الخوف والجُبن . حقيقة واقعية وليست صورة تعبيرية ، سباتهم القديم لازال قائم رغم اهتزازات المشاعر التي لا ترتقي الى مستوى احقاق حق أو ردِّ باطل بمقياس الانسانية الحقَّة ، صيحاتهم لا تتعدى فزعات نومهم بأجساد متخمة من اكل لحوم بعضهم البعض ليسقيهم الشيطان خمراً لذة للشاربين ليسلب ارتعاشات جفونهم من قلق السنين . فالقلوب لا تستنير من غشوة الظلمة الا بالرشد الى الهدى وفتح ابواب الانوار القدسية بمفاتيح الحكمة بالعلم اللدني والتخلص من شوائب الجهل وادناس الشك , والبطن شر وعاء وامتلائها يُذهب بالفطنة ، وقد سُأل يوسف (ع) لم لا تشبع ؟ فقال : اخاف ان انسى الجائع , فبالجوع تتنور القلوب وتتفجر ينابيع الحكمة في النفس البشرية , والحكمة غذاء الروح التي تحرك الجسد في تنقلاته الدنيوية . العمل لله ولرسوله وللمؤمنين سبيل الخلاص وطريق النجاة من خيوط الشيطان العنكبوتية التي تطيل سبات القوم وتمدهم في طغيانهم يعمهون , والعمل اذا ما داومت عليه الجوارح الظاهرة والباطنة تطاير غبار السنين عن اجساد القوم , فتجتمع الاسرار المكنونة في بواطن الاعمال لخدمتهم وتسخر لتحقيق رغباتهم بالعيش بسلام والغوص في النِّعم الالهية وبناء تاريخ وحضارة تكون حاضرة الاجيال على مر الدهور . واهب العقل ومفيض الرحمة يأمرنا بإظهار الجميل من القول والفعل وترك القبيح الذي يوجب البلاء ويهتك الستر فقيمة كل امرئ ما يحسنه , لننظر من حولنا بعين البصيرة والتفكير في محاولة لإنقاذ ما يمكن انقاذه نتيجة اعمال القوم الضالين الذين يعيثون بالأرض فساداً فيحل علينا البلاء بسوء عملهم وتمويهاتهم التي يغررون فيها جهال العامة من الناس . وما نظر احدنا بعين البصيرة الا قذف الله في قلبه نوراً يمشي فيه بين الناس ويميز فيه بين الحق ويتبع احسنه والباطل فيجتنبه , وروض نفسه بتردد فكره , وكان في ذلك قد حصن نفسه وتأهب للترحال فان نهاية كل مخلوق وان طالت حياته الى الموت والفناء ثم الحياة الحقيقية ما بنته يداك وصاغه لسانك وسارت به قدماك , وهناك لا خلط عليك ولا تشابه ولا يعتريك فيها مرض . قومٌ اتمنى ان تكون مقالتي لناشق طيب انفاسها مسكاً أذفراً , وان تكون حبل الوصال لمن في قلبه بصيص امل , وان يشفي شذى شذراتها المريض منكم بإشراقة شمس الحقيقة ساطعةً في زمن نحن بأمسْ الحاجة فيه للكلمة الطيبة والعمل الصالح . |