الرؤى والأحلام عند الحضارات والأمم

لما كان البشر مفطورين على حب الاستطلاع ومحاولة معرفة الغيب وأمور المستقبل بشتى الطرق فقد لجأوا إلى أنواع من الخرافات والضلالات مطعمة بأنواع العلوم ولاسيما علم التنجيم، فكان للسحرة والمشعوذين والكهنة والعرافين أسواقا رائجة عند كثير من الأمم.
وقد أوجد الله عز وجل علما شريفا بديلا عن تلك الضلالات، وهو علم الرؤى والأحلام ذلك العلم الذي يبحث في الغيبيات ؟ علم فيه تصورات مدهشة عجز البشر أن يصلوا إلى حقائقها وإشاراتها مع ما بذلوه من جهد جهيد،
إن علم الرؤى والأحلام من العلوم الأولى وهو علم رفيع القدر وربما هو أكثر صعوبة من العلوم الأخرى إذ إنه مبني على البشارة والنذارة الغيبية وعلى حسن الفهم والعبور من الألفاظ والمحسوسات والمعنويات مرتبطة بزمان ومكان حتى تكون الرؤيا على الوجه الذي جاءت به،
ولذلك فهي تعطي الإنسان صورا لكيانه الخفي وحقيقته الروحية والنفسية وهي صورة لمعدنه وجوهره واثبات لعالم الروح المبثوث في حنايا الجسم والتي تتلقى أنوارا إلهية وإلهامات وإشراقات ربانية وكشوفات نافعة في مجالات الدين والدنيا ينتفع منها وينفع غيره وقد أشتهر في هذا العلم في حضارة المسلمين الامام الجليل محمد بن سيرين (ت 110هـ)الذي كانت له اليد الطولى في ذلك وقد حكي عنه رحمه الله أن إنساناً قال له رأيت في المنام كأني أقرأ سورة (إذا جاء نصر الله والفتح) فقال له:( أوصي فقد قرُب أجلك فإنها آخر سورة نزلت من السماء)وكان أغلب تعبيره للرؤى والأحلام يقوم على أساس الآيات الكريمة وكذلك الأحاديث الشريفة فكانت براعته في التعبير قد أتت من ذلك ،ولم يقف الأمر عند ذلك بل ظهر الكثير من العلماء الذين تفننوا في مجال الرؤى والأحلام حتى كانت حضارة المسلمين من أهل السبق في هذا العلم الغيبي الذي وهبه الله عز وجل لبني آدم.