سمعنا من احد خطباء الجمعة في بغداد قوله ان المعارك في بيجي استنزاف للشباب العراقي ويجب ان يتم التوقف عن زجهم فيها. بالرغم من أن الرأي صادر عن رجل غير عسكري لكن نسبة الصواب من الوجهة العسكرية عالية فيه. في بيجي تم اختلاق روايات عديدة حول السيطرة على المدينة التي هي مركز قضاء منذ عدة شهور وكذلك المصفاة النفطية التي تعرف بمصفاة بيجي في حين ان المعارك كانت كراً وفراً في أرض مبسوطة وحولها وديان دجلة ومن العسير جدا الانتشار العسكري فيها من دون تغطية جوية كبيرة وهو أمر غير متوافر عراقياً كما ان طيران التحالف لم ينزل بثقله في اسناد أية معركة كبيرة في بيجي. رئيس الحكومة قال كلمة مهمة وهي ان الانتصار في بيجي هو بداية هزيمة تنظيم داعش على طريق تحرير الموصل أكبر معقل للتنظيم في العراق حالياً. وهنا بيت القصيد، حيث المعركة الرئيسية لم يتم اتخاذ القرار الدولي ازاءها حتى اللحظة ، في الأقل في المستوى المنظور من التصريحات. معارك الاستنزاف معقدة وخاسرة، والتفوق فيها سيكون لمن يجيد حرب العصابات بالمفهوم العسكري في طبيعة جغرافية كتلك التي في محيط بيجي التي تبعد مائتي كيلومتر عن الموصل. من الحكمة أن لا يتم التهور من أجل انتصارات محدودة فتضعف المعنويات المدخرة لمعارك أكبر. معركة تحرير الموصل في جزئها الأساسي سياسية ، أي تحتاج مزيداً من التحرك السياسي على الجانب الدولي لحشد التأييد للمساعدة الدولية العسكرية العملياتية التنفيذية لاسيما الأمريكية في الشروع بالعمليات الكبري لطرد التنظيم من كامل التراب العراقي. لكن هذه المهمة ليست سهلة ولن تقع من دون خطة وثمن. وهي مرتبطة بعدم ثقة الجانب الأمريكي بالسلوك الحكومي وما يرتبط به وما سيحصل في اليوم التالي بعد تحرير الموصل خاصة ومن بعدها الانبار وكل المدن العراقية . كيف ستدار المدن وكيف ستكون العلاقة بين الشعب والحكومة المركزية وهل سيستمر العراق مركزياً في الحكم أم ان الاقليم ستنزل الى قيد التنفيذ. الأراء الامريكية تجمع في الكونغرس والادارة على أن المستقبل السياسي للعراق هو العقبة الرئيسة أمام تحرير الارض أو ان العمليات العسكرية مقدور عليها بفعل التفوق الامريكي والدولي لكن العراقيين لم يثبتوا انهم كانوا فاعلين حتى الأن على ادارة بلدهم بما يضمن الاستقرار وهو الامر الذي سيؤخر الانتصار على تنظيم داعش كثيراً. هناك مكابرة سياسية عالية النبرة في العراق لن تسهم في حل حاسم لمشكلات البلد المزمنة والتي جاء داعش ليضيف لها صاعق الانفجار الكبير.
|