محافظ ميسان وقاعدة الكرسي |
على بعد المسافة و كثرة المشاغل اتابع بشوقٍ أخبار محافظتي الحبيبة ميسان، و اشعرُ بنشوةٍ و تفاؤلٍ كلما صدح صرحٌ ثقافيٌ او نهضت مدرسة او امتدّ جسرٌ او عُبِّدَ شارعٌ هنا او هناك، وما زلتُ أتابع أخبارها حتى شغلتني الحياةُ عنها تماماً في السنتين الأخيرتين ، فابقتها في القلبِ و قطعت عني أخبارها إلّا الّلمم. و من الّلممِ الذي بلغني أنّ محافظاً ( خيّر وابن اصول ) حلّ بها و انه لا يحب الأبراج العاجيّة؛ فهو ينزل عنها الى الطرقات و يمشي في الأسواق و يأكل مع الناس و يتحدّث اليهم و يهتم بمحافظته كلّ الاهتمام، و لم أتابع الموضوع لمشاغلي الاستثنائيّة ويومَ امس حللتُ ضيفاً على احد أبناء ميسان ممّن يشاركني حبها فأخذَ يحدّثني عن المحافظ ( علي دوّاي ) فقلت له أنّي لم اسمع عنه إلّا قليلاً، قال سأُريك صوَرَهُ على (گوگل) لتتعرّف على نشاطاته، ثمّ اخذ يستعرضُ الصور: ينظّف مع المنظّفين، يجرف الماء، يشارك البنّائين وصوراً أُخرى . إستوقفتني صورةٌ هي اكثرها عفويّة: يجلس فيها إزاء ( صينيّة ) فيها طعام غاية في البساطة، و هو طعام العمّال، لو لم تعرفهُ لَحَسِبْتَهُ بعض عمّالِ ( المسطر ) يتناول فيها طعام الاستراحة كما هو شأن العمّال في العراق. قلت له أعِدْ لي هذه الصورة فأعادها، قلت بالله عليك هل حطّت هذه الصورة من شأنه في نفسك ام رفعته؟ قال بل رفعته قلت عَمِيَت عيونُ الآخرين الا يرون كيف يصنعون!؟ إذا أرادوا الدنيا فهذه الصينيّة البسيطة هي التي تدخلهم الى قلوب الناس، وإذا أرادوا الآخرة فهذا التواضع هو الذي يرفع شأنهم عند الله. وقلت هل تعلم أنّ هؤلاء الذين أعْمَت الدنيا قلوبهم لو أدركوا ما تفعل هذه (الصينيّة) في قلوب الناس لتقاتلوا على امتلاكها و التقاط الصور جاثين على ركبهم أمامها، و لإستغنوا عن تلك النظرة الصارمة و الإشارة باصابعهم نحو المجهول (الذي عرفناه فيما بعد) التي تملأ بوسترات انتخاباتهم. ولكن هيهات فإنّ (الصينيّة) ما لم تمتلأ بالعفويّة فإنها لن تفتح شهيّة النّاخب ولن يستسيغ ما فيها (صينيّة دوّاي) هذه دعتني للكشف عن قاعدة ( الكرسي ) الأخلاقية التي توصّلتُ إليها بعد متابعةٍ دقيقةٍ لأعدادٍ كبيرة ممّن جلسوا على كرسيّ المسؤوليّة ممّن كانت تربطني بهم علاقةٌ وطيدة بدءًا بمديرٍ عامّ و انتهاءً بوزير مروراً بوكيل وزيرٍ و محافظٍ و مستشار رئيس وزراء و غير ذلك من عشرات المسوؤلين لذلك رايت من المناسب ان اطرحها في هذا الوقت بالذات الذي انطلق فيه سباق الكراسي للمسافات الطويلة قاعدة الكرسي؛ اهمية الكرسي 10 x قيمة المسؤول الذي لا يغيّره الكرسي ويضّلُ وفيّاً لأهله و ناسه = قيمته قبل المسؤولية أي أنّه يصبح عملاقا بحق قيمة المسؤول الذي يغيّره الكرسي فيتنكّر لأهله و ناسه = قيمته قبل المسؤوليّة اهمية الكرسي --10x اي انه يصبح اتفه من الصرصور وللدقّة العلميّة فإنّ قاعدة الكرسي لا يخضع لها إلّا من كان على الكرسي، لأنّه بعد ان يفارقه إمّا ان يسكن القلوب- وحينها لن يستطيع أحدٌ أن يَزِنه، و إمّا ان يكون مع الصراصير- و حينها لن يستحقّ ان يُوزَنَ حتّى لو سكنَ القصور. |