تناقضات النفس البشرية شيزوفرينيا الانفصام

 

قد تختلف طبيعة البشر من شخصاً الى اخر وغالباً مايحمل كل انسان صفتين متضادتين فهو يجمع مابين الخير والشر ولكن قد تطغى صفة على اخرى وتنتج من هذه المعادلة شخصية تحمل سمات عدوانية او ساعية الى الخير بمعنى قد يظهر الانسان بأكثر من وجه حسب الموقف او الحالة التي يمر بها فقد تراه خائفاً او مرتبكا او خجولا…الخ فقد عبر الأدب والفن كثيرا عن هذه الحالات (دكتور جيكل ومستر هايد في الأدب الغربي وبئر الحرمان في الأدب العربي، وقد تم تحويل هذه الأعمال إلى أفلام ناجحة ومثيرة). ولست أنسى ذلك الشاب الوديع الخجول شديد الأدب الذي كان يغيب عن أسرته عدة أيام بشكل غامض ثم يعود إليهم ولا يدري أين كان ولكنه يفاجأ بأموال وقطع من الحشيش في جيب سترته، ويفاجأ بأشخاص يقابلونه في الطريق ينادونه باسم غير اسمه ويطالبونه ببضاعة وفلوس، وهو يستغرب منهم ذلك. واتضح بعد ذلك أنه كان يترك المنزل ويتحول إلى تاجر مخدرات يبيع ويشتري لعدة أيام ويجلس على المقاهي ويتحدث بطريقة مختلفة وبلهجة مختلفة (كأبناء الشوارع)، ثم يعود بعد أيام إلى حالته الطبيعية وينسى تماما ما كان في تلك الأيام القلائل. وأيضا فتاة من أسرة متدينة تحرص بشدة على حشمة ملابسها وعلى ستر كل جزء في جسمها ربما بشكل مبالغ فيه، وفجأة تخلع تلك الملابس وتتوجه إلى أحد الأفراح القريبة لتمارس الرقص كراقصة محترفة وسط ذهول الحاضرين ودهشتهم، وبعد لحظات تفيق من سكرتها وتدخل في نوبة صراخ وبكاء شديدين وهي لا تتذكر أي شيء مما حدث. هذه نماذج من حالات نسميها في الطب النفسي اضطرابات انشقاقية وهي تعني أن جزء من الشخصية يكون كامنا أو مكبوتا يتمرد على السياق العام للشخصية ويخرج فجاة متحديا في حالة مختلفة من الوعي ويقود الشخصية لتحقيق رغبات أو مطالب معينة (غالبا متناقضة مع السياق العام للشخصية) ويستمر في ذلك إلى أن تفرغ الشحنة التمردية ثم يعود للمكفون مرة أخرى. وهذه الحالة من الهستيريا الانشقاقية تسبب لغطا شديدا لدى الناس فالمريض(أو المريضة) يتكلم بلكنة مختلفة، وقد يعتقد من حوله أنه يتكلم بلغة مختلفة، وقد يخرج محتوى نفسه على لسان جني فيطلب مثلا تحقيق شيء معين يرغب في تحقيقه ولا يجرؤ على طلبه في حالة وعيه المعتادة، أو امرأة تكره زوجها أو هي غاضبة منه فتتحدث بلسان جني طالبة الطلاق من زوجها لكي يتزوجها ذلك الجني الذي يعشقها. فخلاصة حديثي يكمن بصراع الذات الذي يعيشه الانسان فتراه غريب الاطوار ومتقلب المزاج فأبعتقادي الشخصية المعقدة التي نمتلكها هي التي تصنع من انفسنا اناس منتجة للمجتمع.