الإسلام دين طائفي |
(1) يبدأ الحديث عن قصة الإسلام والطائفية بالاتهام والتكفير والرّمي بالفجور والشرور من جانب (شيوخ المودرن) وراكبي موّجة الدين؛ ليكون العنف والتطرف والقتال المباح طريقها وخلاصها والمدخل الحر لبروز العصبيات والطوائف التي تتصارع على الإسلام بما هو كرسي ونظام حكم وعصا طاعة وصولجان حكم وخوذة وثروة ونفوذ؛ لا بما هو إيمان وتقوى وعقيدة سليمة خالصة لوجه الله؛ فالصراع على الإسلام لدرجة الاقتتال الطائفي والاحتراب الأهلي أصله واساسه هو (ركوّب موّجة) الإسلام والسير بـ (حذوة) الطائفية من أجل الوصول إلى الحكم والسلطة باسم الرب والدين؛ والتسلط على رقاب الناس باسم الدين واللعب بورقته؛ ومن هنا جاء الحديث عن علاقة الدين؛ كالإسلام، بالطائفية؛ كمذهب.
(2) البعض من الكتّاب يخشون الكتابة عن هذه العلاقة من منطلق خشية تكفيرهم أو اتهامهم بالفجور والزندقة من جانب رجالات الدين (المعممين)، لأن التكفير هو ديدن الإسلاميين وفعل ومهنة (شيوخ المودرن) ولأن الإسلاميين أوهموهم بإن أي حديث يتناول الإسلام خارج المؤسسة الدينية أو رجالها هو حديث يمس الإلهيات والغيبيات وبالتالي ممنوع أنْ نفكر أو نجتهد مثلما هم يفكرون ويجتهدون، وهذه هي المصادرة الأولى للعقل؛ الأمر الذي يُعزز تلاقح فكرة التطرف والاستبداد والقمع الديني ليس للأخر إنما للمسلم ذاته لكن المسلم الذي لم يبايع (شيوخ المودرن) أو ينتمي لأحد احزابهم الدينية.
(3) لكننا يستحيّل أنْ نقف عند حدود تصورهم ونبذهم للأخر بل نقف ونطرح سؤالنا بكل جرأة، والمتمثل هل الإسلام دين طائفي أو ما هي حقيقة العلاقة بين الإسلام والطائفية؛ ذلك من أجل خدمة الإسلام وتبرئته من تهم الإسلاميين له؛ بمعنى إنْ الطائفية اليوم هي تُهمة المسلمين للإسلام، .. وليس تهمة الغرب للإسلام كما يتوهم قرابة المليار مسلم من ذلك!!
(4) أنْ عملية تجريد الإسلام من قيمته المُثلى وربطه بعجلة الطائفية كانت هي الحجة الأقوى بيد الغرب المعادي للإسلام والعرب والتشهير بالإسلام من خلال مدخل الطائفية وثغرها الفج (التطرّف) لتوظف له حرباً عالمية رابعة أشد أسلحتها هي (كاميرات التصوير)، أي حرب الكاميرات الموجهة لاستهداف الإسلام من خلال ربط كل فعل إرهابي أو انتحاري أو إجرامي بالإسلام الطائفي الذي صنعه الغرب بأدوات الإسلاميين المتطرّفين ذوي النهج الراديكالي توثيقاً في وسائل الإعلام المرئي بكل فجاجة.
(5) حتى أصبحنا اليوم إزاء ما يُسمى (الإسلام الطائفي)؛ دون أنْ يكن بوسعنا الوصول لهذه المرحلة وما كان للغرب أنْ يوصلنا لمُبتغاه هذا لو كان البيت العربي مُحصن ونزيه وملتزم أخلاقياً؛ لكن “الترّهل” والانسداد التاريخي وفقدان الثقافة القومية العربية أتاح الفرصة لبروز طفح هائل وغريب لموجة الحركات الدينية الناشطة والفاعلة باسم صولجان التطرف والعنف المسلح؛ وبالتالي أصبحت تلك الحركات بمثابة (الدعوة المجانية) لتدخل الغرب في شؤوننا بشكل عام ومطلق؛ والتي عملت على بلورة إسلام طائفي مُمنْتج ومُدبلج إلى اللغة العربية الفصحى من إعداد الغرب الاستعماري (الكولونيالي)، ومن تقديم الحركات الإسلامية الراديكالية؛ مسلسلاً (كاوبوياً) (هوليودياً) فجاًة يسر ناظر الخصوم، وينفس عن احتقانهم وعدائهم إزاء ديننا وعرقنا وقضيتنا الإنسانية.
(6) لكن يبقى القول الأشد نجاعة هو بإن الإسلام المبكر ليس طائفياً، بالمرة؛ وإنما إسلام الجماعات الدينية والحركات الإسلامية المنبثقة من عباءة الظاهرة الإسلامية والراكبة لموّجة المّد الإسلامي هي صاحبة الامتياز والراعية الرسمية للإسلام الطائفي الذي يتغذّى على الوحدة الوطنية والهوية القومية، وينظر لمشاريع النهضة والتنمية على إنها مُنكر وكُفرٍ فيدعو إلى نسخها واستبدالها؛ فالإسلام الطائفي هو خدمة استعمارية يتبرع بها الجمع الإسلاموي من حركات واحزاب سياسية ذات مرجعية دينية (عنيفة) توظف بركاتها وابتهالاتها وصلواتها للمستعمر الأجنبي الذي قدم فكرة الطائفية بقيافة عربية من يشماغ عراقي وعقال جزيرة وعباءة مصرية وطربوش حلبي وخناجر يمانية.
(7) أيّها العرب الإسلام يستغيث من فعل رجال الدين ألا من منقذ ينجو به أم فاعل خير فالإسلاميون أخطر تيار على الإسلام من تيارات التنوير والتغريب والاستشراق و(المركسة) و(العلمنة) و(اللبرلة)؛ فالإسلام بحاجة إلى (تجديد) ومراجعة اجتهادية فقهيه لنصوصه المقدسة علها تُزيل ترهلات التطرّف والعنف وتُرشق (فضاضة) التفسيرات القديمة التي عَمُرَت أكثر من عشرة قرون متوالية ونحن في عصر الموضة والقيافة ولبس (الكاجول)؛ فأخرجونا من محنة تفسير الإسلام وتعصب جماعاته يرحمكم الله؛ لأنها كانت أحدى المداخل المظلمة للطائفية.
|