رسائل .. ليست شخصيّة



عزيزتي هيباتيا Hypatia
يقول جورج برنارد شو : إنّ 
هيجل كان محقاً عندما قال أننا نتعلم من التاريخ أن المرء لا يستطيع أن يتعلم أي شئ من التاريخ

عزيزتي هيباتيا Hypatia
نحنُ نعرفُ أنّكِ لم تكوني تطالبين رجال الكهنوت بخدماتٍ أفضل للأسكندرية ، حين تمّ رجمُكِ ، و " سحلُكِ " ، و تقطيع اوصالك ، و حرقُك فوق كومةٍ من الخشب .. بل كنت تدافعين عن نهج الفلسفة والتساؤل ، و تؤمنين بقوة العقل ، وتُعارضين الإيمان المُجرّد . 
عزيزتي هيباتيا Hypatia
ربّما نحنُ واهمون .
ولكن ، مع ذلك ، فانّ التاريخ يُمكنُ أن يُعيد نفسه .
و إنّ ما حدث لكِ في شوارع الأسكندريّة في العام 415 .. قد يحدث لأمثالك في مدنٍ اخرى ، و ساحاتٍ أخرى .. في اي عامٍ من اعوام القرن الواحد والعشرين .
عزيزتي هيباتيا Hypatia
نحنُ ، فقط ، آسفون ..
لأنّنا لا نستطيعُ أن نتعلّمَ أيّ شيءٍ من التاريخ ..
وبالذات من ذلك التاريخ الذي يُعيد انتاج نفسه فوق خرابنا الدائم .. و يعتاشُ على إيماننا المجرّدِ من قوّة العقل .
*
[ إذا انهالَ عليكَ بالنصائحِ إثنان : زوجتكَ التي لن تسكتَ لحظةً واحدةً ، في " المرحلة التاريخيّة " الممتدّة من السحور ِ إلى الفطور . وإمامُ الجامعِ ، القريب من بيتكَ ، الذي لن يسكتَ لحظةً واحدةً ، في " المرحلة التاريخيّة " الممتدّة من الفطورِ إلى السحور . وأصرّ هذان الأثنانِ معاً ، على تحويلكَ ( خلالَ شهرٍ واحد ) .. من كائنٍ بسيطٍ ، ووديعٍ ، وساذجٍ ، وعاشِقٍ شارد الذهن .. إلى " مُجاهدٍ " شَرِس ، و ذئبٍ " أمعط " ، و حوتٍ شَرِه .. 
وجَبَ إفطاركَ شَرْعاً ] .
( المصدر : " زوج " صائم ) .
*
بمناسبة عيد الأب ...
تعريف الأب :
[ الأب .. هو أسوأ عنصرٍ في المعادلة العائلية ] . 
( المصدر : أحد الأبناء ) .
*
لستُ بشاعر .
ينقُصُني الكثير .
وما أكتبُهُ ( أيّاً ما كان توصيفُه ) ..
بحاجةٍ لستّين عاماً أخرى ، من المُراجَعة ، ليصبحَ صالحاً للنشر .
أنا كسول .. وليس بوسعي فعلُ ذلك .
لذا .. عندما أصبحُ " شاعِراً " ، ربّما في " الآخرة " ،
سأنشرُ " مجموعتي " الأولى ..
هُناك .

الآنَ هُنا .. في تقاسيم الليل والنهار .
مرّة بعد أخرى .
في شرق المتوسطِ هذا .. حيثُ الأخدودُ العظيم .
هُنا في أرضِ السوادِ ، والسوادِ ، والسوادِ ، و مدن الملح .
هُنا .. حيثُ الأسماءُ المُستعارةُ ، وسباق المسافات الطويلةِ ، من أجل النهاياتِ السائبةِ كالكلاب ، في عالَمٍ بلا يقينٍ ، ولا خرائط .
من هنا .. من هنا . 
من هذا التَيْه ، في هذي البلاد التائهة .
هُنا .. في باديةِ الظُلُمات ..
حيثُ لا مكانَ لشجرة ، ولا قبر لمرزوق .
أركَعُ رُكعتي الأخيرة .. في صلاتي اليائسة .
سلاماً مولانا .. 
عبد الرحمن منيف .
*
" في عالم من الضجيج ، الكل يتكلم ، و لا يسمع أحدٌ أحداً .
أرجو ألا تُدخِلَ صوتي عنصراً آخر في خليط العقم الكبير. 
بعد رحيلي ، دعوني مع صمتي . " 
( عبد الرحمن منيف و جبرا ابراهيم جبرا / عالم بلا خرائط )