السياسة النفطية , والدخول في نفق مظلم


تركزت السياسة النفطية في العراق على الانتاج فقط وتصاعدت وتيرتها عند توقيع جولات التراخيص النفطية سيئة الصيت التي زادت من حماس الكثيرين من ادعياء ( الوطنية ) بينما لم يعترض عليها سوى افراد بعدد اصابع اليد الواحدة كان لي الشرف ان اكون احد المعترضين المتشددين حول الموضوع ,, , بعد أن عرفنا انها ستضيع حقوق العراق وتدخل العراق في مواجهة حتمية خاسرة عند تراجع الاسعار والبحث عن مشترين كبار للنفط العراقي , وقلنا حينها ان منظومة النفط في العراق لا تختلف عن بقية فعاليات الدولة المبتلية بالفساد والترهل والغباء وهي لم تمتلك قدرة تنافسية علمية او مالية مع شركات كبرى تعرف لعبة السوق وتمتلك الاموال والتكنولوجيا مثل شل ( SHELL) و اكسون موبيل ( ExxonMobil )وبي بي ( British Petroleum ), وغيرها , واسباب تقنية وتجارية مهمة اخرى لافائدة من ذكرها بمقال عام قصير ..
حاولت الحكومة في الفترة الاخيرة ان تنتقل الى زيادة مصافي النفط لسد النقص الحاصل في تزويد محطات الكهرباء ولمنع الاستيراد من الخارج ولصناعة قيمة مضافة ( ADDED VALUE) للنفط العراقي بدلا من تصديره باسعار رخيصة , وتفائلنا مع الوزارة , لكن تلك الجهود والافكار بمجموعة الديناصورات المتربعة في مواقع القرار في وزارة النفط بما يسمى (هيئة الرأي ) ولا اعرف مدى قدرتهم او خبرتهم في هذا المجال وهم لم يستطعوا تزويد شركة طلبت مواصفات الخام العراقي ( Crude Assay Parameter ) منذ اكثر من خمسة اشهر ولغاية الان ؟؟؟؟
في تقرير الطاقة الذي اعدته شركة بي بي ( British Petroleum) نهاية عام 2014 اظهرت ارقاما جديدة لمخزونات النفط العالمية بعد اكتشاف كميات هائلة من الرمال النفطيه في كل من فنزويلا وكندا وبذلك فقد العراق مركزه الثالث في تسلسل الدول النفطية وفقدت السعودية مركزها الاول لتصبح فنزويلا في المركز الاول بخزين مؤكد يصل الى 298 مليار برميل تليها السعودية ب 267 مليار برميل وكندا ب 172 مليار برميل وايران رابعا ب 157 برميل ليحل العراق بالمركز الخامس ب 150 مليار برميل .
هذا يعني ان النفط لم يعد سلعتنا المهمة التي يحتاجها العالم ونتحكم به متى وكيفما نشاء , وان تراجع الاسعار لم يكن مؤامرة امبريالية او صهيونية كما يحلوا لاصحاب العقول الساذجة ان تفسر الامر , فلقد تورطت حكومتنا بموازنتها التشغيلية ومعدل الاجور العالي في القطاع الحكومي اضافة الى الفساد في جميع مفاصل الدولة ,, كما تورطت السعودية حينما شاهدت الربيع العربي يكتسح البلدان المجاورة فاقدمت على توزيع الرواتب لجميع افراد الشعب العاطلين وضاعفت رواتب العاملين لدى الحكومة فكان الناتج هذه السنة ان يصل العجز الى اكثر من 85 مليار دولار ( 320 مليار ريال سعودي ) ,, انها معضلة الدول الريعية التي سوف تتساقط واحدة بعد الاخرى وللاسف كنا نحن العراقيون اول هذه الدول