ثقافة التخوين

 

يبدو ان ثقافة تخوين الشعب العراقي عميقة الجذور دائمة مستمرة لانهاية لها ففي زمن النظام السابق كانت ثقافة التخوين توزع بالتساوي على كافة فئات وطبقات الشعب وحسب الانتماء السياسي والقومي والطائفي استنادا الى مصالح النظام وحسب ضرورات البقاء للقائد الأوحد والحزب الواحد وبهذا استطاع النظام البقاء ليس طويلا فلكل شيء نهاية وجاءت نهايته بالدبابة الامريكية وانتهى عهد الدكتاتورية وجاء عهد الديمقراطية والفيدرالية والتعددية والحريّة . ووفقا للمعايير الجديدة يجب ان تنتهي ثقافة الدكتاتورية وآلياتها وأساليبها القمعية وألاعيبها السياسية . وبعد سنوات من الارهاب والقتل والدمار والسرقة العلنية والفساد الاداري والسياسي والمالي وصل الشعب العراقي المبتلى الى طريق مسدود مع الحكومات المتعاقبة بعد سلسة من الوعود الكاذبة لم تحقق له ابسط متطلبات الحياة .

 

لم يبق لهذا الشعب المظلوم غير الشارع للخروج اليه للمطالبة بحقوقه المسلوبة المغتصبة من قبل حفنة من ادعياء السياسة وسارقي أموال الشعب ورفع الشعب شعارات واضحة ومحدده للمطالبة بابسط متطلبات الحياة كهرباء وماء وتعليم وقضاء وصحة في بلد يطفو على محيط من النفط يكفي ليعيش شعبة حياة مترفة تفوق حياة شعوب مجاورة لا تملك ما يملكه عراق النفط والخيرات .

 

وبدلا من ان تستمع الحكومات المحلية والمركزية لمطالب شعب مشرد مهجر جائع محروم مظلوم لجأ بعض رجالات السلطة الى اليات واساليب الأنظمة الدكتاتورية لاستخدامها ضد المتظاهرين العزل المطالبين بحقوقهم فكان اقصر الطرق للمحافظة على كراسي السلطة وامتيازاتها وحياة الترف هو ماجربه النظام السابق للبقاء في السلطة أطول فترة ممكنة وهي (ثقافة التخوين) حيث يتم توزيع التهم على المتظاهرين حسب انتماءاتهم القومية والمذهبية والمرجعية والسياسية وإحالتهم قسرا الى ارتباطات خارجية وداخلية وتسفية مطالبهم واظهارهم بمظهر التبعية وربطهم بالاجندات الداخلية والخارجية والإقليمية لتشتيت شملهم وتفريقهم وتحويلهم الى مجموعات معادية للسلطة والشعب والقضاء على هذه التظاهرات ومن ثم البقاء على الكرسي وفي السلطة باي ثمن كان حتى ان كان من السحت الحرام وعلى حساب انهار الدم العراقي الجاري منذ عقود والذي ارتوت منه الصحارى والأنهار وأكلت منه دواب الارض .

 

وماذا بعد ؟ ماذا بعد البقاء على الكراسي وفي السلطة ؟!!

 

الى أين أنتم ذاهبون ؟ الم تشبعوا من بناء القصور وامتلاك السيارات الفارهة وشراء العقارات واكل مالذ وطاب؟ الم تقرأوا التاريخ ؟ الم تعدوا ؟ ان عبوركم أزمة سياسية ما بتخوينكم الشعب الذي أنتخبكم وجاء بكم للسلطة من خلال صندوق الانتخابات لايعني بقاءكم للأبد بل يعني ان الأمور تسير نحو الأسوأ وان عدم سماعكم مطالب الشعب وتخوينه معناه فشلكم الذريع والسريع وقرب نهايتكم . فهل من مستمع رشيد ؟