طلعت ريحتنا

من انتخب هؤلاء الذين نتظاهر ضدهم اليوم؟ الهنود ام نحن؟ الم نكن نحن الذين منحنا قائد دولة الفساد أكثر الأصوات عددا ليطول عمر "دولته"؟ الم يسع جمع مليوني منا لانتخاب ائتلافه كي يتمكن من قرط عظامنا بعد ان امتص قسما من دمائنا والقسم المتبقي سكبه في سبايكر والصقلاوية وعموم نينوى والانبار وديالى وصلاح الدين؟ ألسنا اذن نحن المسؤولين قبل غيرنا عن كل صبية ايزيدية سبيت واغتصبت؟ فعلام خرجنا نتظاهر اذن؟ ان لم يكن غير الندم الصادق والتوبة النصوحة، فإننا اذن نضحك على انفسنا.
هذا الشعب المتظاهر في محافظات الجنوب الذي أذهل الأيام بهبته الأخيرة، اين كان يوم قمعت تظاهرات ساحة التحرير في العام 2011 بالرصاص والسياط؟ انسيتم كيف اتى علي الدباغ بعشائر اسناد المالكي من كل حدب وصوب ليذيقوا، تحت ناظور كمال الساعدي واحمد نوري المالكي، اهل بغداد مرّ الضرب والاهانات بعصي تم انتاجها بشكل مخصوص لتلك المهمة؟ كانت عملة مشينة لا تقل قبحا عن عملة الكوفة.
في تاريخ كربلاء يقال ان اهل الكوفة بعد ان عرفوا ما حل بالحسين وعياله قطعوا اصابعهم من الندم حتى صارت تلالا. فاين هم النادمون الذين حموا وساهموا مباشرة في بناء دولة الفساد التي نناطحها اليوم؟ العجيب اننا نراهم اليوم يتصدرون بعض التظاهرات لا لأنهم "توابون" بل "ساعون" لعودة مختار الفساد والمفسدين باسم الثأر للمذهب والدين.

لا أدعي انني قرأت تاريخ الاحتجاجات الشعبية كله. لكني أستطيع الادعاء وبثقة انه ما من جبّار او متغطرس او مستبد غبي او غير غبي تجرأ على اتهام الشعب المتظاهر بالخيانة او تعرض له بالإهانة الا وكان مصيره واحدا من ثلاثة: القتل او السجن او الهرب. اكتفي بالقذافي مثلا. الا في العراق فالشعب يُشتم ويُسمى فقاعة وانه اما قاعدة او داعش، وصاحب الشتم والاتهامات ينعم بالعيش الرغيد والشعب يتغطى بالجوع والفقر وذل الحاجة.
وما زال الحبل ذات الحبل. نفسه الذي امر بضرب الشعب بالرصاص والسياط بحجة انهم بعثيون وقاعدة يعود اليوم من جديد ليصف المتظاهرين بالكفرة والمارقين وانهم مشروع مكمل لداعش. وسكت الشعب ولم يقلب الدنيا. فخرج ثان وثالث ورابع وألف يلوك بلسانه الاعوج ليلصق بنا ما شاء من التهم. ولأننا سكتنا، ولربما يعرف اننا كالإمام الذي لا يشوّر، رمانا رئيس العسكر الإيراني وهو ليس عراقيا بحجر الكفر والزندقة. زين شسوه المتظاهرون؟ جاوبوني أنتم.