من يطرحُ رأياً بصدد حملات الأحتجاج الحاليّة ، ليس وصيّاً على المتظاهرين .. ولن يكون كذلك . و ليس أفضل منهم .. و لا يدّعي ذلك . ولا يسعى الى زعامتهم .. و ليس مؤهّلاً لذلك . و ليس من الصحيح ان يُقال لكلّ من يُبدي رأياً : اترُكْ الكيبورد .. وأخرج مثلنا الى الساحات . ليس الهدف من تعبكم النبيل من أجل التصحيح ، او التغيير ، هو مجرد الخروج الى الساحات . هناك حاجة الى ترتيب اولويات المطالب ، منعاً للألتباس والتخبّط ، وسوء الفهم . كلّنا يتذكر قانون الأنتخابات . عندما ادى تعديله الى خسارة الأحزاب الكبيرة في الأنتخابات المحلية ، نبذَ قادةُ هذه الأحزاب و " الكُتل " و المكوّنات خلافاتهم " العميقة " ، وتوحدّوا من اجل تعديله ، ونجحوا في ذلك ليفوزوا في انتخابات مجلس النواب ( اللاحقة لها ، و الأكثر أهميّةً ، و خطورةً ، منها ) . المتظاهرون لا يعيرون للأولويّات المطلبيّة الأهمية التي تستحقها ، وفق حِسٍّ سليمٍ للتناسب ( من الأهمِّ من المطالب ، نزولاً الى أهمّها ) . قانون الأحزاب ، وقانون الأنتخابات ، هما العنصران الأساسّيان في اعادة انتاج " الطبقة " السياسية الحاكمة ذاتها ، و أسباب الخراب ذاته . هذا الخراب الذي يجعلنا بلا مستقبل . هذا الخرابُ الذي يتقصّدُ أي بارقةِ أمل لشبابنا بغدٍ أفضل ، وأُفُقٍ مُضيء . هذا الخرابُ الذي يُبدّدُ ثرواتنا .. و ينخرُ في اجسادنا ، وارواحنا الآن . ينبغي ان ينشغل الجميع بما يسمّى ( اقتصادياً ) بـ " تدنيّة التكاليف " ، و " تعظيم العائد " . لن يكون من المجدي لأحد ، فرض تصوّر " شخصيّ " محدّد بصدد ترتيب الأولويات . ولكنّ بالأمكان الأتّفاق على حزمة اولويات يمكن من خلال التركيز عليها توفير الكثير من الوقت و الجهد . كما يمكن بواسطتها ايضاً استهداف الدعائم الأساسية ، لأستمرار هذا النمط المشين من الحكم السيّء ، وقطع منابع مدخلاته التي يقوم عليها ، ويستمدّ قوتهُ وقدرتهُ على الأستمرار منها بشكلٍ رئيس .. بدلاً من التركيز على النتائج المترتبة على وجوده (كتحصيل حاصل) ، أو على مخرجاته المنطقية ، التي ستندثر بزوالهِ .. بالضرورة .
|