لا أحد من العراقيين يتمنى ان تتدخل أية دولة عربية كانت ام أجنبية في الشأن العراقي ، ولكن هذا الحديث عن التدخل في الشأن العراقي أصبح مستهلكا الى حد التناقض والازدواجية والكيل بمكيالين، لأن لا أحد حتى الان من كثير الكتل السياسية العراقية ولا من دول العالم الاخرى يحترم خيارات العراقيين في ان يكونوا دولة مستقلة لها سيادة !!
لاحظوا الازدواجية..التحالف الوطني وهو اكبر تشكيل سياسي عراقي لمجرد ان اراد ان يختار له رئيسا ، كانت طهران هي الارض المفضلة للحوار ، وطهران كانت هي من تقرر وتفرض وصايتها على الجميع، وكانت جميع كتل التحالف الوطني وقادته يجتمعون مع كبار القيادات الايرانية في طهران ، ولم يتفقوا حتى الان على هذا الرئيس المرتقب للتحالف الوطني!!
وقبلها كانت طهران محور مباحثات مطولة بين قادة التحالف الوطني ومسؤولين ايرانيين رفيعي المستوى كان على رأسهم المرشد علي خامنئي من يبذل جهوده للتقريب بين كتل التحالف الوطني لاختيار بديل عن المالكي رئيسا للوزراء، وبقيت المحاولات بين الشد والجذب فترة طال انتظارها، الى ان تدخل الامريكان في نهاية المطاف لصالح العبادي، وقبلت طهران هذا الخيار على مضض، ولم يقل أحد في كلا الحالتين ان ايران تتدخل في الشأن العراقي، حتى وان كانت تحتضن طيفا واحدا من المكون العراقي النظير لها في الطائفة والانتماء!!
لكن الدنيا قامت ولم تقعد لأن قطر حاولت التقريب بين الحكومة العراقية ومعارضيها في الخارج، وبناء على رضى الحكومة نفسها والمعارضة، في زيارة قام بها وزير الخارجية القطري، ولقيت في وقتها إستحسان هذه الخطوة مادامت تسهم في ترتيب البيت العراقي ولم الشمل بين الاطياف العراقية!!
كان النائب عباس الدايني يغرد في قناة العراقية مساء الخميس ويرسل اشارات السخط والاستياء لأن قطر احتضنت مؤتمرا للعراقيين في الخارج ممن يرومون العودة الى بلدهم للمشاركة في بنائه، وهو حق لهم بالمناسبة وليس منة من احد في ان يكون وطنه محرما عليه، وسبقه نواب اخرون مثل عبد السلام المالكي وعالية نصيف اللذان لم يتركا مناسبة او بغيرها دون ان يكيلا الاتهامات لأي بلد عربي يريد ان تكون ارضه منطلقا للمصالحة الوطنية، التي لايؤمن بها أصلا نواب دولة القانون ويعدونها ( خطوطا حمر ) لاينبغي ان تحصل في يوم من الايام!!
أما قناة العراقية الفضائية فكرست حملتها ضد المؤتمر ولم تستضف برلمانيين ومسؤولين اخرين من الطائفة الاخرى للحديث عن دواعي انعقاد هذا المؤتمر او مبرراته وكيف يمكن ان يكون اسهامة في تمتين الوحدة الوطنية او تحسين اواصر اللحمة بين مكوناته، فكان اعضاء ونواب دولة القانون هم الحاضرون دوما على طول الخط يتصدرون قناة العراقية في نشراتها الاخبارية ، وهم من اكثر من وقف بوجه اية محاولة لمد خيوط من العلاقة مع الأشقاء العرب، أما الشقيقة في المذهب طهران، فلم يقل لنا أحد من دولة القانون انها تدخلت يوما في الشأن العراقي بالرغم من ان قاسم سليماني قائد الحرس الثوري الايراني وقادة اخرين من ايران يجوبون العراق من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، ولا أحد يعد وجودهم في العراق تدخلا، بالرغم من انه لايمر عبر القنوات الدبلوماسية ، وإن الكيل بمكيالين هو اللغة الوحيدة التي يبقى البعض يصر على ركوبها، ولايفرق بين سيادة البلد ان انتهكت من طهران او من قطر أو الولايات المتحدة الامريكية!!
لا أحد من العراقيين يرى في كل دول الجوار وحتى الدول العربية يمكن ان تجلب الخير للعراقيين في يوم ما، وأن قطر مثل ايران كانت ارضها منطلقا للعدوان على العراق عام 1990 وفي العدوان على العراق عام 2003 ، ولا أحد من العراقيين ينسى شرور تلك الدول وتآمرها على العراق، وكانت هي نفسها ( دول الخليج وايران ) على حد سواء هي من أوصلت العراق الى هذا التدهور الذي وصل اليه، والانقسام الذي يعيشه بلده وحالة الفاقة والحرمان التي يعيش شعب العراق بسبب كل هؤلاء!!
أما ان يغرد كل هواه ليكيل الاتهامات ضد الآخر، لمجرد ان هذا المسؤول او ذاك زار دولة عربية، ولا ينظر الى الزيارات المناظرة لدول الجوار ومنها ايران دون ان يكيل بمكيال واحد ازاء مبدأ التدخل والسيادة والاستقلال فهو كمن يضحك على عقول العراقيين، بالرغم من ان العراقيين يسخرون من كل دعوة للتحريض ضد الآخر، وهم أصبحوا بحكم الاعيب السياسيين وحيلهم يفرقون بين الغث والسمين..لكن البعض يحاول ان يدفن رأسه في التراب ، عل الآخرون من وجهة نظره لايرون جسده، والنعامة خير مثال على سلوك من هذا النوع..!!
لكن العراقيين ، يا سادة ياكرام ، يعرفون كل من يسخر منهم او يحاول خداعهم او يردد طروحات حسب الرغبة والمصلحة الشخصية والانتماء الطائفي..ومع هذا فلا أحد فعلا يتمنى أن تكون سيادة العراق محل شك وريبة ، ان كنا فعلا جادين في ان يبقى العراق وابناؤه هم من يقررون مصير بلدهم في نهاية المطاف، والعراقيون في كل الأحوال ليسوا قاصرين لكي يقرر الآخرون مصيرنا على هواهم!!
|