يدرك السيد ألعبادي بحكم اطلاعه على تفاصيل المشهد السياسي والأمني المعقد في العراق أن عجلة الإصلاحات لن تمضي دون عقبات سيفتعلها الفاسدون والمتضررون ومكمن الخطورة أن الفعل المضاد للإصلاح قد يذهب إلى ما هو أبعد في دفع الأمور نحو حافة الفوضى والمجهول والهاوية مما يقتضي اتخاذ إجراءات أمنية احترازية إضافية ومشددة تستجيب لتحديات المرحلة الراهنة وتحافظ على أمن وقوة وتماسك الجبهة الداخلية التي ترفد جبهات القتال بالمعنويات والمقاتلين والمدد المطلوب لإدامة زخم المعركة، وفي سياق الأحداث وليس التحليل فأن العاصمة قد تعرضت فعلا لأحداث تنذر بما هو أخطر حيث شهدت خروقات أمنية صغيرة ما لبثت أن تصاعدت وكان أخطرها ما جرى صباح الأربعاء 2 أيلول الجاري بخطف 18 من العمال الأتراك العاملين في تشييد الملعب الأولمبي في الحبيبية... وقد يكون من السابق لأوانه التكهن بالجهة التي نفذت الخطف أو الحديث عن بعض التفاصيل التي لا زالت غامضة بحكم أن الأمر قيد التقصي والتحقيق والملاحقة الأمنية والقضائية إلا أن ذلك لا يمنع من توصيف الحادثة على أنها خطيرة جدا وتشكل تحديا جسيما لملف الأمن في العاصمة وتندرج في إطار المحاولات الرامية إلى إعادة الوضع إلى مربع الفوضى وتفتح الأمور على كل الاحتمالات وهذا الحادث الخطير يهدف إلى الآتي: 1. جس نبض الحكومة وردة فعلها... 2. اختبار للأجهزة الأمنية المكلفة بحماية العاصمة ولطريقة تعاطيها مع الموقف وبيان مدى قدرتها واستعدادها القتالي في خطوة استباقية وتمهيدية نحو خرق أخطر... 3. إثارة المشاكل السياسية والأمنية وافتعال أزمات جديدة ذات بعد سياسي معقد مع دول الجوار. 4. فتح أكثر من جبهة لأغراض المشاغلة وتحويل الأنظار. 5. كسب المزيد من الوقت والرهان على عنصر الزمن لاستبعاد لحظة الحساب والمساءلة للفاسدين وتسويفها قدر المستطاع. 6. إشاعة أجواء من التوتر والاحتقان في الشارع. 7. صرف الأنظار عن ما يدبّر إقليميا للعراق في مؤتمر الدوحة الذي عقد في قطر صباح الخميس 3 أيلول الجاري. ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة مزيدا من التصعيد والتوتر الأمني يقابلهُ إرادة حكومية حسمت أمرها باتجاه المضي في تنفيذ إجراءات وقرارات الإصلاح والمحاسبة ومواجهة الفساد والفاسدين والتعامل بحزم مع عصابات الخطف والجريمة المنظمة وهذا ما أكده السيد ألعبادي الذي اصدر أوامره إلى الأجهزة الأمنية لملاحقة مرتكبي هذه الجرائم ووصفهم بالإرهابيين والخارجين على القانون، وفي اعتقادي إن محنة العمال الأتراك ستنتهي قريبا بإطلاق سراحهم بجهود الأجهزة الأمنية المختصة والتعاون الواعي والمسؤول الذي أبداه المواطنون معها وسيتم اعتقال مختطفيهم وإحالتهم إلى القضاء... وهذا الخرق الخطير من وجهة نظر عسكرية أظهر ضعفا وتراجعا واضحا في الأداء الأمني الذي أخفق في معالجة الموقف لأسباب كثيرة تستوجب التقييم والمراجعة من قيادة عمليات بغداد التي تحتاج الآن وأكثر من أي وقت مضى إلى تشديد الإجراءات الوقائية والمناورة بالخطط والمزيد من اليقظة والانتباه والحذر مع تفعيل المراقبة على حركة الأرتال العسكرية والحكومية وشبه الرسمية وإخضاعها لضوابط الحركات العسكرية وتعليمات انتقال السلاح وتحديد مسارها من نقطة الشروع حتى موقع الوصول بأوامر تحريرية،وأهمية التنسيق والتعاون بين الأجهزة الأمنية والحشد الشعبي في إطار منظومة القيادة والسيطرة لتفويت الفرصة على المتصيدين بالماء العكر والخارجين على القانون وأرباب الجريمة المنظمة والإرهابيين المتربصين شرا بالعراق وأهله... *(مستشار إعلامي وأمني ومتحدث سابق للقوات المسلحة)
|