ألف شمس حارقة

شاهد العالِم الهندي المسلم عبد الكلام أول انفجار نووي في الصحراء عام 1998، وهتف: «لقد سمعت الأرض تزلزل تحت أقدامنا، ثم ترتفع أمامنا في رعب. وكان منظرًا جميلاً». أين رأى ذلك العالِم المعروف برقته، معالم الجمال؟ ألم يكن هو من يفاخر بأن الهند لم تقم باعتداء خارجي منذ 2500 عام؟

كيف يمكن أن تحرك الطاقة على الإفناء مثل هذه المشاعر في إنسان مثل الدكتور كلام؟ ولكن جي. روبرت أوبنهايمر، الذي أشرف على أول تفجير نووي عام 1945 في صحراء نيفادا، كان قد قال هو أيضًا: «لقد بدا وكأن شعاع ألف شمس حارقة قد اخترق السماء». ثم ردد، وهو الباحث أيضًا في اللغة السنسكريتية، جملة بهاغفاد غيتا «لقد أصبحت أنا الموت، مدمر العوالم».

بعد شهرين رميت قنبلة أوبنهايمر على هيروشيما وناغازاكي «حيث راح الموت يعس عسًا في الظلمة والبرودة». وبعد أسابيع من انفجار الهند، فجرت باكستان ست قنابل نووية وصفها بيان حكومي بالقول: «في لحظة أو أقل، أصبح الجبل أبيض أجرد باردًا برمَّته».

ما هو خيار العرب؟ مرة قال لي السناتور جورج ميتشل إن الهدف الأبعد من سعي أوباما إلى الاتفاق النووي، هو الحؤول دون تفلّت سباق السلاح النووي في المنطقة. وكان أول تعليق للحكومة السعودية بعد التوقيع، دعوة إيران إلى صرف أموالها على إسعاد شعبها وتحسين أوضاعه ونقله من فظاعة الفقر.

من السهل، أو من الشاعرية، أن ندعو إلى الخيار النووي. فإسرائيل مدججة بالصواريخ النووية منذ 50 عامًا. وفي عام 1973 وحيال انهزام الجيش الإسرائيلي أمام الجيش المصري، لم تتوانَ غولدا مائير بالتهديد - عبر الأميركيين - باستخدام أسلحة الفناء. لا بد من قوة رادعة. ولكن ألم يعد السلاح «التقليدي» قوة رادعة؟ هل السلاح السعودي (أو المصري) أقل من السلاح الإيراني أو الإسرائيلي؟

عندما انهار الاتحاد السوفياتي، بكل جبروته، عرضت الغواصات النووية في القرم وقد علاها الصدأ. كانت القوة السوفياتية نافعة مرة أخرى في المواجهة مع أميركا على كوبا. ولو لم يتعقل خروشوف ويتراجع عن كبس الزر النووي، لما بقيت كرة أرضية ولما كانت كوبا تفتتح سفارتها في واشنطن (20 يوليو/ تموز) بعد 54 عامًا.

أمامنا خيارات كثيرة: إما أن نكون مثل كوريا الشمالية، قوة نووية ومجاعات، أو مثل اليابان وألمانيا، قوى تطور وتقدم وازدهار، من دون التساهل لحظة في سلامة الشعب والأرض. الزر النووي مثل «ألف شمس حارقة» وجبال بيضاء.