فتوى خالد رومايا .. البوك حلال الفرهود حرام

 

 كلما يجري الحديث عن الساسة والسياسين في هذا الزمن التعس الذي استشرى فيه الفساد بعد الاحتلال الغاشم لهذا البلد الجريح ، في كل مفاصل الدولة من قمة الهرم الى عرض القاعدة ، تعود بي الذاكرة الى عام 2000 وحكاية هذه الفتوى ، والله وحده يعلم كم كررتها في جلسات السمر مع الاصدقاء ، لما لها من مغزى طريف ، وفيها من الغرابة لم يتوقع احد حدوثها حينذاك ، كان من دواعي الحظ السعيد بالنسبة لي أن أكن صديقا للفقيد الراحل الدكتور خالد رومايا ، تمتد علاقتي به الى أوآخر ستينات القرن المنصرم ، فهو طبيب جراح ماهر والجراحة في عالم الطب علم وفن ، كان رحمة الله على روحه طيب الذكر، مثقف له حضور أجتماعي ، رجل ملفتا للانتباه وصريحا ومستقيما ، حريصا مخلصا ، لم أكن اول من يكتب عن خصاله الحميده ، بل كتب عنه قبل ربع قرن تقريبا الزميل الصحفي حاتم حسن عمود في جريدة الثورة . آخر زياراتي له عندما كان مديرا لمستشفى اللقاء في الكرخ بداية عام 2000 وكان كعادته ودودا مرحبا ، وبتلقائية أخذ يتحدث عن أهمية الخدمات التي يقدمها هذا المرفق الحيوي للمراجعين ، ومعانات الناس أيام الحصار الاقتصادي والعوز الذي أخذ يؤثر سلبا في سلوك البعض من منتسبي المستشفى ، يقول: عقدت أجتماع موسع لجميع العاملين تحدثت فيه عن الامانة والاخلاص في أداء الواجب مؤكدا أن ” اليد ثمينة مادامت أمينه ” وعلينا جميعا أن نتحمل شرف المسؤولة ، بالبتعاد عن الدناءة والطمع والارتقاء بالخدمة الانسانية التي لا تقارن بمبلغ الآجر الذي نتقاضاه في هذا الظرف العصيب ، ويستمر في أدارة هذا اللقاء معربا عن ألامل بأن يكون الجميع صفا واحدا لمواجهة كل من يحاول أن تمتد يده على حق الاخرين ، ويختم الحديث التوعوي الطويل الذي نال الآستحسان والاصغاء والقبول لدى الجميع ، وختم الحديث بابتسامة عريضه بالفتوى التي اثارت حفيظة البعض ” البوك حلال الفرهود حرام ” ضحك الجميع بعد أن ارتفع صوت من وسط قاعة الاجتماع  ” أحسنت يا شيخ ” فجاءه الرد بتلقائية تأكد أنني أعلم ،” أن من أفتى بغير علم كب الله على منخره يوم القيامة ” أضاف بعد أن طرق الطاوله لاعادة الهدوء تعلمون أنني رجل مسيحي إلا أنني أحترم جميع الاديان والطوائف ، ولمن يعترض على هذه الفتوى سأعلل له الهدف منها ، في مطبخ المستشفى ، الطباخ حين يتناول من قدر الطبخ لحمة ياكلها بحجة أنه يتذوق الطعام لايمكن أن نطلق عليه تهمة سارق ، هذا حلال ، أما أذا حمل فخذ من اللحم كما حصل وامسكنا أحدهم متلبس بالجرم   واحيل الى التحقيق هذا ” فرهود حرام ” يعاقب ويطرد من العمل كما حصل للاسف مع أحد منتسبي المستشفى كما تعلمون وعلى أثر ذلك تحقق هذا الاجتماع .. والممرضة التي تحاول سرقة علبة كارتون من الحقن الطبيه ( سرنجات ) هذا فرهود حرام ، يجب أن تحاسب عليه وتعاقب ، أما الممرضة التي تضع حقنة واحده في حقيبتها اليدوية ، تنوي أن تزرق أمها أو جارتها المريضة ، فلا غبار عليها ، ومن العيب أن نفتش حقيبة سيدة عند مغادرتها المستشفى ، بعد أن أدت واجب أنسانيا بامانة واخلاص ، هذا ما كنا نرمي اليه ، لنعزز الثقة بالجميع وليكن كل منا رقيبا على مالنا العام ، ونعمل بكل حرص ونزاهة ، لتامين حمايته . ــ هذا ما كان يحصل سابقا قبل الحكومات المنتخبة التـــي شــــرعنت بكـــــل وقاحـــة وحللت البــــوك والفــرهود .