جائزة نوبل للديناميت |
تعد الثقافة هي الابنة الشرعية للعقل, وبل هي الابنة اليتيمة بلا اخت, لا بديل ثانٍ لها؛لكن في الوقت نفسه من الممكن أنْ تكون أكبر العوائق والموانع بوجه التقدم والتحضر والتحرر من التبعية حينما تُصبح ثقافة “ديكورية”؛ شيئية، هامشية، شكلية أكثر مما هي جوهرية، وبالتالي تُصبح قادرة على “غسل الأدمغة والعقول” بمسحوق التطرّف والغدر والخيانة، فتُصبح الإنسانية لها هدفاً موسوماً في ستراتيجيتها التخريبية؛ وقوتاً يسد نقص جوعها ويُفاديها من سوء التغذّية!!وأكبر مشكلات ثقافتنا العربية اليوم انها ثقافة أُحَادية, “مفصوصة” العين ترى نصف العالم, وتمْحو نصفه الأخر, أو تُلغيّه، أو تتجاهله عن قصد؛ تحمل نظرات وتصورات القرون الوسطى رغم اننا تجاوزنا العتبة الاولى من العقد الاول للقرن الحادي والعشرين “قرن الطائفية”, قرن “العولمة المزيفة”, قرن الاستعمار الخارجي, قرن “الاستحمار” الداخلي, الذي يعود سببه الاول لابنة العقل (الثقافة) ذاتها وبكل تجلياتها؛ وما زال حتى اللحظة يُقدمنا التاريخ حطباً لمحارق الثقافة المُفخخة، وموائد أكل لطاولات حوار القتلة باسم “الثقافة الدينية”، كان يجدر بهم أنْ يتبرؤوا من العهر المقيم في داخلهم (إقامة حسب ضابط الكرم وحسن أداب الضيافة)؛ وهم يؤدون طقوس الإيمان بعين باكية وقلوب خاشعة في أحلى “سيلفيات” مع قبور الصحابة وصحون الأئمة والتابعين الصالحين!!بينما نجد إنْ اخطر حالات المجتمع وافة العصر هو “تفخيخ” العقل, عبر فتاوى نصية لشيخ العرب (نوبل) (!!)؛ فتفخيخ عقلٍ أخطر بكثير من تفخيخ مدينة كاملة, لأن المدينة قد يموت فيها العشرات أو المئات في حادث اجرامي ما, فيسعفهم الناس وينتشل بقاياهم ويتم تجفيف منابع الموت بعد بُرهة قصيرة من الزمن, .. ولكن “تفخيخ العقل” سوف لن يسعفه كثرة “سيارات الإسعاف الفوري”، أو تقوى كل “عربات المطافي” وخراطيم مياه البلديات من اخماد حريقه؛ أو تفلح الشرطة المحلية بصنوفها وعناوينها من السيطرة على حالة الانفجار المدّوي، ما خلا أنْ يسعهم احصاء عدد القتلى والضحايا (!!)، ويستمر نزيف الدم وسيمتهن الموت حينئذ حِرفة “صيّد الأرواح” هناك بتّفنْن ليطال الاف بل ملايين البشر, وللأجيال القادمة ويؤسس لعنف دامي ودائم, لا يُبقي ولا يذر, وقطيعة تاريخية يصعب في ضوء معطياتها العودة بالمجتمع إلى “ثنائية المشاركة” وإعادة بناء اللحمة الوطنية التي هي خميرة الثقافة الوطنية المناهضة والمقابلة للثقافة الطائفية ثقافة التفخيخ وقتل المواطنين على لون ملابسهم، وعلى ماركات قيافتهم!!وهذه طامة العرب, .. أنهم عاجزين عن وقف فتاوى تفخيخ العقل الذي يضرب عنفه في قلب بغداد, ودمشق, والقاهرة, وبيروت, صنعاء, وطرابلس, الجزائر, وكُل العواصم العربية دون أنْ يعي ذلك العقل أو يهتدي لطريق سليم؛ بل دون أنْ نلحظ أو نسمع دّوي ذلك النوع من العنف لتدق أجراس خطره في واشنطن أو تل أبيب أو الدنماركأو تلك الدول الإلحادية _ على حد قولهم _ التي يتوعد بها “الإسلاميين العرب” ويهددون امنهم في الخطابات .. لكنهم ينفذون تهديداتهم على المواطنين العرب بطريقة مهينة ومشينة!!ما أقبح التكفير والتفكير العربي؛ وما أجهل الثقافة الأمية التي تنال منا؛ وتستثني عدونا إلا من الخطاب “المُتلفز″ الذي لم يعد صالحاً إلا للاستهلاك المحلي ومشاغلة الوقت وعطالة الناس!!الغريب ما في الأمر أنْ العرب؛ بالرّغم من إنهم أكثر مستهلك للديناميت والتفخيخ والبارود؛ إلا إنْ العالم ما زال يتعمد ويخطئنا ويستثنْينا من جائز “مُخترع الديناميت”؛ للسلام؛ أنا متأكد لو إنْ نوبل ما زال على قيد الحياة لأهدى كل جوائزه التقديرية في كل عام لـ (الحركات الإسلامية العربية) واستثنى منها أنور السادات ونجيب محفوظ وأحمد زويل وكُل من “طَبّع″ علاقته مع الكيان الصهيوني؛ وكل من داهن ورحب وقَبِل بالوجود الصهيوني اللقيط في قلب العالم العربي!!لأن جوائز نوبل لـ “السلام” لا تجنْي رؤوس أموالها لو لا السوق الرائجة لبيع الديناميت والقنابل والنابالم؛ .. والعرب أكبر مستورد للأسلحة في العالم!!لو عزّ على الجنة المختصة بترشيح ومنح جائزة نوبل للسلام من منحْنا هذه الجوائز كحق قانوني، نأمل أنْ تُخصص لنا “جائزة نوبل للديناميت”؛ فالمتطرّفين في وطننا العربي؛ “يَتوّقون” لحفل تتوّيج عالمي مُعطر بنكهة الرّصاص!!
|