الصين .. هل هناك خلل ؟ |
منذ اكثر من عام بدأت الاشارات تتوالى بشأن سير العجلة الاقتصادية في الصين . وكانت هناك توقعات مختلفة منها ما يتجاهل عوامل التباطؤ لوجودي وبعضها ما يلبس النظارة السوداء كي يصطبغ الافق امامه إبعاداً لاي مفاجأة او نكسه يتعرض لها اقتصاد بلد يضم حوالي ربع سكان المعمورة .
الملاحظة الاولى والاساسية حول نمو الاقتصاد في الصين هي ما افرزة هذا النمو او ما رافقه من تغيير واضح في نمط الحياة في المدن الصينية الكبرى . فقد اكتظت بالسيارات الحديثة والفارهة ، وامتلأت الاجواء بالتلوث المؤثر في المدن ذات الكثافة السكانية العالية بشكل خاص وكذلك بدأت مظاهر لحياة جديدة يمارسها الفرد الصيني في هذه المدن من مأكل وملبس ووسائل بهرجة ومظهرية تقليداً لحياة الغربيين وربما اكثر اندفاعاً .
وفي القياسات الاقتصادية فأن نمو الاستهلاك في مجتمع يزيد عدد سكانه على المليار والثلاثمئة مليون لاشك ينتج عنه نسباً وارقاماً كبيرة تؤثر على الكثير من شروط التوازن الاجتماعي ، الذي هو مكمن المخاطر ليس على الاقتصاد وانما على وجود الامم ذاتها .كان الرز هو الغذاء الاساسي للفرد الصيني الذي يتناول في الصباح بالعيدان عبوة كأس من الرز المسلوق تسد رمقعه خلال يومه الشاق ، بجانب ما يحصل عليه من الخضراوات ومنتجات الارض والبحر الغريبه . اذ لم يكن اللحم الاحمر جزءاً من الممارسة الغذائية بالنسبة لغالبية السكان لندرته وكلفته العالية . واليوم بدأ الصينيون يتناولون اللحوم الحمراء واعتادوا عليها مما تطلب الاهتمام بتربية المواشي والخنازير وانتاج اعلافها التي تصاعدت تكاليفها بعد ان لم يتركوا للريف تنمية هذه الثروة بشكل طبيعي . وحسابات البيدر تقول بعد حسابات الحقل بأن كلفة اللحوم التي يتناولها اقل من مليون فرد صيني ربما تكون كافية لا طعام سبعة ملايين تكتفي بتنــاول الرز .
مع الاخذ بجميع المباحث الاقتصادية والمالية والسياسية بالاعتبار ، الا ان الشئ الذي يلوح في الافق هو ان الضوء الاحمر قد اضئ على المنعطف وبالتالي فان تراجع الاقتصادات في الدول الصناعية الرئيسية ، الغربية منها بالذات ربما يدق ناقوس انذار لتدارك المزيد من التراجع الذي تسبب به استحواذ الصينين على هذه النسبة من التجارة العالمية والحد من الديناميكية العالية وقواعد العمل والانتاج التي ربما تتسبب في خلق المزيد من العوائق امام منتجات الغرب ، مع انه ساهم فيها من خلال الاستثمارات الهائلة التي توجهت الى الصين ، بشكل افرغت معه المصانع الاوربية كل قدراتها على الانتاج الاستهلاكي وحولتها بمصانعها ومعداتها والتكنلوجيا التي طبقتها الى سوق العمل في الصين ، بتوقيع ان هذا السوق انما هو بتوقيع لتأجير العماله الرخيصة . ولكن الصين التي تطرفت في تحولها الاقتصادي وهي تحت النظام الشيوعي الاخير – ربما – على وجه الارض لتصل الى ذروة التطبيق الرأسمالي وتفتح كل الابواب امام الاستثمار الخارجي الذي جاء وكبل وقيد كل وسائل تشغيل عجلة الانتاج لتبقى رهينة بين يديه .
واليوم ونحن في اواسط شهر ايلول 2015 بدأ التراجع الجدي ليتخلى العديد من المستثمرين عن مساهماتهم الكبيرة في سوق المال على الاقل الذي صار يواجه تراجعاً في الاسعار يفوق التوقعات وبنسب غير معقولة وتفتقر الى الافصاح عن مسبباتها المقنعة ، لقد تحوطت الصين لمثل هذا اليوم ، فالفائض التجاري الكبير والاحتياطيات الهائلة ، واجراءاتها المسبقة في مواجهة الضغوط التي كانت تطالب بتعديل سعر صرف العملة المحلية . كلها ربما تمكن الاقتصاد الصيني من امتصاص هذه الازمة وايقاف تداعياتها . الا اذا كان لدى الدول السبع الكبرى نوايا اخرى واهداف تسعى لتحقيقها خاصة وان السياسة الخارجية الصينية ليست في موضع الرضا لدى اللاعبين الكبار على الساحة الدولية . اضافة الى ان هؤلاء اللاعبون ربما تكون لاهدافهم او نواياهم ابعاد اخرى لتنال من اولئك الذين اداروا ظهورهم اليهم وتوجهوا باموالهم الى الصين ومنهم اقطار نفطية |