تحول الشعب العراقي بعد سقوط النظام الصدامي في 2003 من محب لكافة السياسيين البعثيين رغم كل الإجرام والممارسات اللاإنسانية التي مارسوها في فترة حكمهم الى كاره ومحب في آن واحد للسياسيين الحاليين كل القنوات الفضائية ومايسمى بالإعلاميين المحبين للعراق عندما يتحدثون عن السياسيين في غيابهم لايتركوا سبة ولاشتمية الاوألصقوها على السياسيين وكذلك يحملون كل سياسي مشارك في العملية السياسية مايحصل في العراق من تفجيرات وخراب وفساد وما وصل اليه العراق الجديد , وعندما تفتح هذه القنوات الإتصالات المباشرة مع المواطنين العراقيين فالنتيجة متقاربة الى حد التطابق مع مايطرحه مقدم البرنامج فمن أول إتصال الى آخر مداخلة لانسمع من العراقيين الى سب السياسيين وهنا نلحظ ملاحظة أن المتصلين من كل المحافظات يتفقون على كره السياسيين وهنا أقف شاكرا لكل هؤلاء الذين يكرهون السياسي لأنه بالفعل ساهم في تفتيت العراق وضياعه وساهم في غياب العراق النموذجي الذي كان من المفترض أن نراه في عراق مابعد صدام لولا فساد وطائفية هذا السياسي أو ذاك لكن مايثير إستغرابي ودهشتي من هذا الشعب هو الطرح الازدواجي تجاه كل القضايا وابرزها قضية الموقف من سياسيي العراق الجديد , فلو قمنا بالتفتيش عن أولئك المواطنين الكارهين للسياسيين لوجدناهم في نفس الوقت الذي يشتمون فيه السياسي فهم يقومون بتعليق صوره والافتخار بكل صورة التقطوها معه !!! إضافة الى الافتخار بنفس هذا السياسي عندما يزورهم في مناسبة من مناسباتهم الى الحد الذي يتناسون فيه حزنهم ومصيبتهم التي ساهم فيها هذا السياسي ! أتذكر رجل كان له مصابا عميقا أتذكره كيف يقوم بالإفتخار وهو يتحدث عن اعداد السياسيين الذين قاموا بزيارته وقرأوا له الفاتحة ! في حين أجده بعد فترة وجيزة يلعن هؤلاء في الخفاء ومن ثم يعود الى احترامهم والانحاء أمامهم عندما يجتمع بهم أو عندما يلاقوه وجها لوجه في مناسبة من المناسبات في نفس هذه المناسبات التي يفترض ان نتعلم منها درسا لكره الحياة الدنيا ونتذكر فيها ماذا حصل المتوفي من الحياة ويجب ان نتعلم الحكمة والدرس منه الاإن هذه المناسبات تحولت الى الإفتخار والدعايات الانتخابية ! فعندما تذهب هذه الأيام الى مناسبة من المناسبات فستجدها تغص بالسياسيين وتجد ان الكل منشغل في تقديم الخدمات لهذا السياسي في حين المواطن البسيط الشريف النزيه النظيف لايجد من يقل له " الله بالخير " إذا كان السياسي جالسا في المناسبة ! يبدو أن أصحاب المناسبات يطبقون مقولة " إذا حضر الماء بطلَ التيمم " كذلك زيارة السياسي للمنسبات محسوبة ومدروسة وهي مقتصرة فقط على أصحاب ال" الثقل الجماهيري " مثل شيوخ العشائر ووجهاء المناطق فقط فهذا السياسي لايذهب الى زيارة مناسبة مواطن فقير لأنه لايريد ان ينزل من مستواه الالهي الى مستوى الفقراء والذين ليس لهم منصب مهم في الدولة وليس لديهم رصيد إنتخابي جيد فليس غريبا على العراقيين عندما يذهب المرشحون في النجف الى المقابر ليعلقوا عليها صورهم فهذا أمر جدا معقول في ظل وجود عقليات لازالت تحترم سياسي فاشل وسارق وساهم في زيادة عدد مقابر مقبرة السلام , وكذلك لاأستغرب عندما يقوم مرشح بتعليق صور ترشيحه على قبر أبوه كي يفتخر به أبوه المتوفي ! كل شيء مضحك ومبكي في العراق ومازلت عقولنا ساذجة ومتناقضة وإزدواجية من السهل جدا على السياسيين أن يضحكوا علينا ويسرقونا ويقتلونا ومن السهل أن يعود علينا البعث من جديد بتسميات مختلفة .
|