الإعلام الخليع و كرامة المرأة |
في زمن حكم البعث المقيت و سار جنبا إلى جنب مع الحملة الإيمانية الكاذبة فلبس الأب جلباب الفضيلة و الابن جلباب الرذيلة و ولد تلفزيون الشباب و إذاعة ليالي العاشقين و سفه مجلة ألف باء و الصحافة. كان المؤمل أن يتغير الخطاب الإعلامي بعد زوال الكابوس و خاصة أن الظرف الذي يمر به العراق لا يحسد عليه و فيه ما يحزن أكثر مما يفرح. بدأت الخلاعة على الصفحة الأخيرة من (الجرايد) و خاصة الحزبية منها ثم تطورت إلى صفحات مليئة بأخبار عن شخصيات تافهة و كأن الشغل الشاغل للناس هو ما تخلع أو تلبس نانسي عجرم و كاظم الساهر. كثيرا ما تفرغ عقول المحررين مما ينفع الناس من علم أدب و ثقافة و سياسة فيهرعون إلى شبكة المعلومات (ليلطشوا) جسدا عاريا أو خبرا تافها لسد الفراغ. الفديو الذي يصاحب الأغاني البذيئة يظهر المرأة و كأنها دمية لا عقل لها و تعمل المستحيل لإرضاء الرجل التافه. مشاهدة هذه المناظر يوحي للطفلة و الشابة بان كسب رضى الرجل لا يتم إلا عن طريق الجنس و عليها أن تتخلى عن كرامتها لهذا الغرض. في نفس الوقت توحي للطفل و الشاب بأنه السيد المطاع و على المرأة أن تلبي طلباته و تسهر على راحته مقابل الجنس. بمرور الوقت ترسخ هذه المفاهيم الخطرة و تصبح مسلمات و تشجع الطفل و الشاب على استعمال العنف ضد المرأة إذا تباطأت أو امتنعت عن طاعته لقناعته بان ذلك حق من حقوقه. المنظمات النسائية تتكاثر كالجراد و تمويلها (مشبوه) و قياداتها مشغولة بأمور تافهة كالسفر بدون محرم و الاختلاط العبثي و الحرية المطلقة و لكن الغريب و العجيب بان معظم هذه القيادات (رايحة جاية) عبر الحدود لوحدهن فأين هي المشكلة؟ هذه المنظمات و القيادات تمثل القلة القليلة من نساء العراق و لم نسمع منها شيئا عن حقوق نساء هيلة و نعناعة و تسواهن في الاهوار و الريف. فاضلات الأهوار و الريف في واد يطالبن بالرعاية الصحية و التعليم و الماء النقي و حماية الأسرة و القياديات في واد آخر لأنهن (مثقفات) و بعضهن يحملن ألقابا خالية من المحتوى. لتوضيح الفرق بين مفاهيم القياديات و الأكثرية من النساء هو ما حدث أثناء زيارة هيلاري كلنتون زوجة الرئيس الاسبق للولايات المتحدة للعراق. أتت هيلاري للعراق بعد الحرب (لمساعدة المرأة العراقية على نيل حقوقها) و التقت بالقياديات المذكورات و توسلن إليها أن تحث بوش و الكونكرس للضغط على المسؤولين العراقيين لتثبيت حقوق المرأة العراقية (المظلومة) و وعدتهن خيرا. زارت هيلاري مدينة الحلّة و اجتمعت ببعض نسائها و تطرقت إلى تعدد الزوجات و قالت انه يحط من كرامة المرأة و حقوقها و هنا تصدت لها شابة بعمر الزهور و قالت لها: أنا ضد تعدد الزوجات و لكن أين حقوقك و كرامتك و زوجك له العديد من العشيقات و بعلمك. زوجك عبث جنسيا لمدة ثمان سنوات مع شابة بعمر ابنتك في غرفة مجاورة لغرفتك بالبيت الأبيض و في الأخبار كان لك عشيق في البيت الأبيض انتحر بعد أن انكشفت الفضائح. يا سيدة كلنتون فاقد الشيء لا يعطيه فنظرت هيلاري إلى ساعتها و قالت لديها موعد آخر في بغداد. هذه الحادثة تشير إلى الفرق بين عقلية شابة واعية و واقعية و عقلية قياديات يعشن في جو المسلسلات التلفزيونية التافهة التي تحط من كرامة المرأة. أكبر خدمة تقدمها المنظمات النسائية للمرأة هي التصدي للأعلام الخليع الذي يدعو إلى تسفيه عقلها و فكرها و تركها عارية حتى من ورقة التوت. على هذه المنظمات أن تطلب من وسائل الإعلام العراقية أن تلتزم بالحشمة و بدلا من الحديث عن نانسي عجرم و كاظم الساهر و من لف لفهما أن تقدم أخبار نساء فاضلات من ربات بيوت و عاملات و فلاحات و مهنيات كمثل يقتدي به الطفل و الطفلة و الشاب و الشابة. العراق يزخر بنساء فاضلات في مجالات العلم و الأدب و الفكر و الفن بينما تدعو القياديات إلى ثقافة هاي و باي باي. اما محجبات الاحزاب الاسلامية فثوابهن اكبر لو خلعن خمرهنّ و سترن نهودهن الناطحة و مؤخراتهن الراقصة على وحدة ونص لأن حجابهن اصبح تبرّجا. الحجة الواهية بأنه لا يمكن السيطرة على وسائل الأعلام في زمن الفضائيات تقابلها التربية الصالحة في الأسرة لتعليم الطفل و الشاب المساواة بين الجنسين و الاحترام المتبادل على أن يكون الكبار القدوة الحسنة للصغار بدلا من مشاهدة ما يخدش الحياء معهم لان ذلك يعني الرضا عنها و مشروعيتها. يشتهر العقل العربي بالتنصل من واجبات و التزامات الفرد نحو المجتمع و إلقاء اللوم على الآخرين مثل الحكومة و المدرسة و الشارع. يتميز الرجل العربي بالنفاق الأخلاقي فهو يشجع المرأة على العبث لإشباع شهوته الجنسية بشرط أن لا تكون المرأة من قريباته. |