نتنياهو.....وكشف المستور



في ظل التحولات الحاصلة في بنية ودور ووظيفة النظام الرسمي العربي،والتي وصلت حد التطبيع مع "اسرائيل" وإقامة علاقات دبلوماسية وتجارية وإقتصادية معها من قبل جزء من انظمة النظام الرسمي العربي،وجدنا بان تلك العلاقات وتحديداً بعد ما يسمى ب "ثورات" الربيع العربي والتوقيع بصورة اولية على الإتفاق ما بين ايران والمجموعة الدولية (5 + 1) بشأن برنامجها النووي،شهدت تطوراً وانتقالاً على نحو اوسع وأشمل ما بين "اسرائيل" ومشيخات النفط العربي تجاه التعاون والتنسيق الأمني والعسكري،تحت يافطة وذريعة مواجهة الخطر والتمدد الإيراني في المنطقة،وهذه المشيخات النفطية سعت بالتعاون مع "اسرائيل" مستخدمة نفوذها المالي والإقتصادي للضغط على اكثر من طرف امريكا واوروبا الغربية وحتى وصلت الأمور حد تقديم رشاوي لروسيا بمليارات الدولارات ومساعدات اقتصادية ضخمه من أجل عدم التصديق على الإتفاق الإيراني - الأمريكي بشأن برنامجها النووي،ولكن كل ذلك لم يفلح في منع توقيع هذا الإتفاق والمصادقة عليه.

واليوم نتنياهو أثناء زيارته لبريطانيا،والتي واجهته فيها حملة شعبية كبيرة تطالب بإعتقاله كمجرم حرب،لإرتكابه الجرائم والمجازر بحق الشعب الفلسطيني،قال بأن ما يقال في الغرف المغلقة من قبل العديد من الزعماء العرب،لا يتطابق مع ما يجري التصريح والإعلان عنه،فيما يتعلق بالإعتراف ب"اسرائيل" كدولة يهودية،فهناك جزء مهم من الزعماء العرب مع الإعتراف بيهودية الدولة،وحتماً نتنياهو لا يذيع سراً في هذا الجانب،فمن وقفوا الى جانب "اسرائيل" في عدوانها على المقاومة وحزب الله في تموز /2006،وفي حروبها العدوانية على شعبنا في قطاع غزة،والتي وصلت حد تامين الوقود لطائراتها والمساهمة في دفع تكاليف تلك الحرب،ليس بالمستبعد عليهم تأييد ودعم يهودية الدولة،فبعض الأنظمة العربية،والتي تعمل كعراب وحامي لإسرائيل في المنطقة اخطر على القضية ومصالح الشعب الفلسطيني من اسرائيل نفسها،وما نشهده من قيام البعض من قيادة مفاوضات بين "اسرائيل" وحماس من اجل توقيع هدنة طويلة،تفضي في النهاية الى شرعنة وتكريس الإنقسام،وتفكيك المشروع الوطني الفلسطيني يندرج في هذا السياق،وأكثر من مسؤول اسرائيلي إمتدح العلاقة مع مشيخات النفط العربية،حتى ان يعالون ونتنياهو قالا في اكثر من مقابلة ولقاء،بان من نتائج وفوائد الحرب العدوانية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة،انها كشفت عن تشكل حلف جديد وأصدقاء جدد مع ومن الزعماء العرب،وبانهم باتوا على قناعة بأن عدوهم الرئيسي،ليس "اسرائيل" بل ايران،وقضية فلسطين لم تعد قضيتهم المركزية.
الضغوط الأوروبية على نتنياهو من أجل العودة للمفاوضات مع الفلسطينيين يقابلها بالطلب منهم الضغط على الفلسطينيين بضرورة الإعتراف بيهودية الدولة،بدلاً من سعي اوروبا لمعاقبة اسرائيل من خلال وضع علامات خاصة على منتوجات المستوطنات الإسرائيلية،ويرى بأن هذه الخطوة "غير عادلة، وتضر بعملية السلام"، وأنها تعبير عن سياسة معادية لإسرائيل، وعن انتقائية بارزة لا تُنفذ في الاراضي المتنازع عليها في العالم.
نتنياهو ما كان له ان يتبجح وان يصل الى مثل هذا الحد من العنجهية والإستعلاء،لو ان الحالة الفلسطينية موحدة وغير ضعيفة ومنقسمة على ذاتها،ولو ان هناك موقف عربي جدي،موقف موحد بان قضية فلسطين،هي قضية العرب الأولى،وانه لا تطبيع ولا علاقات مع "اسرائيل" ولا تبادل سفراْء،قبل ان تعمل "اسرائيل" على تطبيق قرارات الشرعية الدولية،وتنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة،وتوقف كل جرائمها وإجراءاتها وممارساتها العنصرية بحق الفلسطينيين.
نتنياهو يستغل مثل هذه المواقف والحالة العربية المنهارة،لكي يتهرب من دفع أية إستحقاقات من اجل عملية السلام،فهو يريد ان يعود للمفاوضات مع الفلسطينيين على أساس قانون المغدور رئيس وزراء الإحتلال شامير،عندما قال في مؤتمر مدريد للسلام قبل توقيع اتفاقيات اوسلو الإنتقالية،ما المانع من مفاوضات الفلسطينيين والعرب عشرين عاماً دون اعطائهم أي شيء،ونتنياهو وغيره من رؤوساء الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بمختلف تلاوينهم الحزبية صاروا على هذا النهج،فنتنياهو يستغل هذه المفاوضات العبثية التي مضى عليها حوالي عشرين عاماً،لكي يستمر في تنفيذ مخططاته الإستيطانية والتهويدية وتغير الحقائق والوقائع بالقوة،ويستفيد من تلك المفاوضات كغطاء ووقت مستقطع لتنفيذ ذلك،وبما لا يترك للفلسطينيين أي أرض للتفاوض عليها او إقامة دولة فلسطينية مستقلة عليها،شاملة كامل الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس.
كلام نتنياهو واضح،هو يريد منا أن نعترف بالصهيونية كحركة تحرر وطني وليس حركة عنصرية،وأبعد من ذلك يريد أن نتخلى عن اهلنا وشعبنا في الداخل الفلسطيني- 48 -،وان يجري طردهم وترحيلهم في نكبة جديدة،وليس هم أصحاب حق وأرض ولدوا وتربوا فيها،ويريد وهو الأخطر ان يسقط حق شعبنا في العودة الى ارضهم التي طردوا وهجروا قسراً منها من قبل عصابات دولة الإحتلال.

نتنياهو وهو يكشف المستور يضعنا امام الحقائق عارية،ولربما هي معروفة لنا ولكن هناك البعض منا يكابر،وهذا يجعلنا كفلسطينيين ندرك بأن بعض العرب،ليس فقط تخلوا عنا بل وانتقلوا للعمل ضدنا وضد مصالحنا ومشروعنا الوطني،مستغلين حالة ضعفنا وإنقسامنا من اجل ان يتدخلوا في شؤوننا الداخلية لفرض رؤيتهم واجنداتهم علينا،ولذك يجب علينا أن نغادر خانة تغليب المصالح الفئوية والخاصة على مصالح شعبنا الوطنية العليا،وان نعمل على إنهاء الإنقسام كمدخل هام لإستعادة وحدتنا الوطنية،وبما يمكننا من المقاومة والصمود من اجل نيل حقوقنا في الحرية والعودة والإستقلال.