العيارة في مخاطبات اليوم

 

 

نحن شعب رجاله اكثرهم حاسرو الرأس، والبقية منهم اما معمون او بعقال او بـ (جمدانه) وهي العمامة الكردية.

 

القليل من البقية ينتمي لبدايات العراق السياسية في الملبس الفيصلي للسدارة، ويكاد عددهم ينقرض.

 

ضاعت كلمات التهدئة وتلافي المشاكل تلك التي يطلقها العراقيون من مخزون ماضيهم كاغاتي وتاج راسي، وضاعت ايضا كثير من الاصالة التي زرعتها حقبة الاستقرار الملكي التي تفوق بجودتها كل الحقب التالية، تلك الحقبة التي تنبه لها نوري السعيد باشا، الذي وصف العراق الناشئ بانه”طفل تربى على يديه”.

 

ثم حلت فترة الجمهورية، فترة تغيير النظام زيا ومخاطبات وعقيدة عسكرية تأثرا بالمعسكر السوفياتي، وحركات السياسية التي انتجت ثورة يوليو بمصر، والحركة الوطنية بالجزائر، وهو امر سعى بعض العراقيين يومها لخلق مثيل عراقي له، فكان زمن الانقلابات التي سميت ثورات، وعدنا بعد التغيير لنسميها انقلابات-رغم ان مناهج الدراسة التي جرى تقديمها لنا يومها عدتها من المعجزات الوطنية!.

 

نظام”الثورات-الانقلابات” الماضي هو جو مؤدلج يتحول فيه الفرد الى عسكري بلباس مدني، يطيع ويخاف، والخائف والطائع هو مسخ بلا مشاعر، فكيف وقد اصبح بعد سنوات يعيش الحصار مع الخوف والطاعة؟.

 

كانت الفاظ الناس ذلك الوقت لا تقدم في الحوار بينها كلمات تدل على استقرار و موروث يتناسب و التاريخ-وبالمناسبة فان التاريخ غير الخدوم لتقدم على مساري الجغرافية المؤثرة ضمن اقليمنا حيث تركيا و ايران الخليج، ومسار اخر هو المكانة في صنع موقع سياسي ضمن معادلة نفهم فيها ان “من الذكاء ان لا تكون غبيا فتقدم للاخرين كل ما يطلبونه ولا يطلبونه”.

 

شخصيا كنت اعتقد ان الحنكة السياسية لكثير من الاحزاب التي تدربت وان بعد 2003، ستذهب الى تشكيل مجلس سياسي رسمي يشبه هيئة الشورى السياسية مهمته تقديم امرين، الاول تطويق الازمات الداخلية، والثاني استثمار الازمات الخارجية، حيث ان سنة العراق التي لا تتغير هي ان العراق لا يحكمه رجل واحد الا اذا تشبه بصدام حسين، وصدام قد اعدم، كما ان العراق لا يمكن ان يكون انموذجا للديمقراطية بتعديلات توافقية، وتلك سمة عريقة في ديمقراطيات عتيقة عريقة، فكيف بنا الحال ونحن لسنا فقط جدداً على الديمقراطية بل ورسبنا في بعض موادها منذ البداية؟!.

 

البرلمان و الحكومة يمثلان في الحقيقة نهايتي التصويت الشعبي في اي انتخابات، والانتخابات تنتج برلمانيا مشرعا حكومي تنفيذي، وبغية عدم “تمرد الناخب” بحيث يغير تشكيلة قوى البرلمان التي تغير تشكيلة الحكومة، من اجل ذلك لا بد للهيئات الحزبية المتنوعة ان تغادر الاجتماع الى اجتماع ضمن هيئة تجمعها كلها لسحب مقدمات الهياج في الشارع، الهياج السني و الشيعي، الهياج العربي و الكردي، الهياج التركماني، الضرر الذي دفع مسيحي العراق للهجرة بعد هجرات للفيلية و قبلهم يهود العراق، و لنعلم ان كلمة”عيارة” بمدلولها الشعبي توازي حالة من نضارة الانسان ليمارسها رغم انها قبيحة تدل على عدم الشعور بالواقع، فكيف بالعيارة السياسية في زمن الشيخوخة؟!.

 

اعود لاقول، ان كثيرا من جهود الحث لتهدئة حالة الانفلات التي اسهمت بها شخصيات تزعمت مواقع في صنع القرار وتسببت بتقديم السوء في الشارع، تلك الجهود لن يكون لها تاثير ايجابي منتج مفيد في سحب الزخم وتغيير محتوى الحال وشكله للافضل،لان الشعب ليس مضطرا لدخول معتركات كل يوم، معترك مع الامن والغذاء ومتطلبات الحياة التي يضع اليد عليها ثلة فيها كثر لم يكونوا سباقين الى حدث يرسم نيشانا سواء على صدر التاريخ الوطني او التاريخ الشخصي للمتبجحين بتسليف الوطن ارواحهم.

 

كما كثيرا من ركبة موجات التذمر من الواقع هم اما من صائدي الجوائز او من الذين ركضوا للسياسة فطردتهم او من الذين لا يعرفوفون ماذا يريدون.

 

“العيارة” الجديدة الان، يتبناها افراد في قمة العمل توهموا انهم مفكرون لكن سترهم الوحيد تاريخ فردي و محصول من السلطة والمال تحجب رؤية الواقع، ويتبناها للعيارة ايضا اشخاص فيهم خبال للسعي للسيطرة على مركز القرار فقط ليأمنوا لانفسهم شيئا من بقايا” الكعكة” التي تحكي عنها وجوه لم نرها سابقا في العمل الوطني، لكن انتبهوا رجاءً، اقول انتبهوا لاولئك الجدد الراغبين بالحصول على”بحاريث” الكعك، اغسلوا اسنانكم بعدها حتى لا تسوس!.