أصبحت أكره البحر |
مرّت أيّام مذ رأيت جسد الطفل الصغير إيلان على شاطىء بحر تركيا . كان ممدّداً على بطنه كما ينام كل طفلٍ في بيته وعلى ســريره .
لا يمكن أن أنسى المشهد وهو يتكرّر يومياً في أعـــماق أعماق ذاكرتي .
كما لم أستطع الى الآن أن أنسى مشاهد القتل والذبح الجماعي للأسرى المصريين على شاطىء البحر في بروباغاندا إرهابية ذهانية مريضــــة قاسية !..
أصبحت أكره البحر !..
كيف يمكن للبحر أن يكون بهذه القسوة بعدما قست قلوب الناس وانعدمت فيها الرحمة ؟!!
والى متى يجب أن نرى هذه المشاهد المؤلمة القاسية ؟!!
والله لقد قست قلوبنا وأضحت حجراً بل إنَّ الحجر منه ما يتشقّق ويخرج منه الماء .
والخطير في الأمر أن نعتاد على مشاهدة هذه المشاهد القاسية ونستمر في إكمال حياتنا وكأنَّ شيئاً لم يكن !..
عندما كانت تحصل كارثة بيئية أو تُشنُّ حربٌ من أي نوع في أيِّ مكانٍ من العالم ، كان الإعلام يتداعى للإضاءة على تلك الكوارث أو الجرائم وفي المقابل كانت تثور ثائرة الحس الإنساني لدى المتلقّي من شعوب العالم فتهبُّ متضامنةً متكافلة .
فمن الذي ينسى مسيرات التضامن والتكافل التي ملأت شوارع لندن وباريس وكبرى مدن العالم تضامناً مع الشعب الفلسطيني في الإعتداءات الصهيونية المتكرِّرة على غزّة .
ومن الذي ينسى المشاركة الإنسانية الواسعة في حملات الإغاثة والتطوّع بعد كل كارثة بيئية طبيعية كانت تحصل في الغرب وكيفية التكافل والتضامن الإنســــاني البنّاء مع المتضرّرين من الكــــــــوارث ؟!
ما يحصل اليوم عندنا وفي منطقتنا العربية هو أنّ الناس اعتادت على مشاهد الذبح والقتل وقطع الرؤوس وأكل القلوب .. وشيِّ البشر .
هؤلاء المجرمون الخارجون من أدغال البشرية المنسية يرتكبون ما لا يمكن لعقلٍ بشريٍّ أن يتصوّره من فظاعات . لقد تغلّبوا على مخرجي أشهر أفلام الرعب الأميركية في التفكير الشيطاني المرعب المقيت .
والأدهى والأغرب أنَّ هذه المشاهد باتت تمرُّ مرّ السحاب وكأنّ شيئاً لم يكن !..
فإن كان المثقّفون في مجتمعنا اعتادوا على هذه المشاهد الموجعة ولم تعد تثير فيهم القرف وتحرِّك فيهم الحسّ الإنساني والضمير فما الذي يجب أن يتحرّك فينا كبشر ؟!!
هذا الإحساس بأنَّ ما يحصل هناك لا علاقة لنا به نحن هنا هو إحساس مريض .
وماذا لو كانت الكارثة هنا عندنا ؟!
ألا يؤلم ؟!
وهل يكفي الإستنكار ؟
أصبحنا للأسف نعيـــش في واقع ” ما لي وغيـــــري ؟!”
و” زاحت عن ظهري بسيطة ” ، وهذا شيءٌ مؤسف بل إنّه غاية في الأسف والقرف !..
|