إثر الاعتداءات والتجاوزات التي تعرضت لها مجموعة من الصحف العراقية صدرت سلسلة من الاستنكارات والتنديد بما حصل.. استنكار من الجسم الصحفي والأسرة الاعلامية واستنكار من خارج ذلك الوسط، ورغم أن ذلك مؤشر جيد إلا أنه لم يرتق أبدا الى أهمية ما حصل.. ولم تتخذ حتى هذه اللحظة ردة فعل تعيد للسلطة الرابعة هيبتها. الملفت انه وبعد ايام من مرور الحادث المأساوي لم تتطرق بعض الصحف الى الموضوع أصلا والكثير من كتاب الاعمدة لم يجدوا أنفسهم معنيين بالقصة من أساسها، وكأنهم في منأى عن تلك الأيادي التي طالت بعضا امس ويمكن ان تطال بعضا آخر في اية لحظة، الجميع تحت طائلة التهديد فلا يظنّ أحد أنه بعيد عن ذلك الخطر.
إن ما حصل يعيدنا الى أيام الانفلات الامني الصارخ قبل خمسة اعوام ويعيدنا ايضا الى الصمت الذي كانت تمارسه الاسرة الصحفية تجاه ما تعرضت له من تجاوزات آنذاك. هل يعقل ان نعود الى الوراء بعد كل هذه السنوات؟! لقد اتسعت رقعة ومساحة الاعلام وتكاثرت قنواتنا الفضائية وصحفنا ومواقعنا الالكترونية بشكل مبالغ فيه، ولو ابدت كل وسيلة اعلامية ردة فعل تتناسب وحجم ما حصل لاهتزت الساحة العراقية بمن عليها. هل يعقل ان تحرق صحف وزميلاتها الاخرى تقف متفرجة على المشهد ؟! هل يعقل أن يتعرض زملاؤنا للتهديد والوعيد ولا نأبه بذلك على الاطلاق؟!
ليس فيكم احد مستثنى من طيش التطرف يا طيف السلطة الرابعة.. ولن يحميكم الا تضامنكم مع بعضكم تضامنا يشعر الجميع بقوتكم، فمن لكم وسط هذه الفوضى.. سوى تضافركم مع بعضكم؟! الشعارات الدينية ذريعة لتصفيتنا جميعا والمتاجرون بالدين والسياسة والشعارات الوطنية ما اكثرها في هذا العالم وخصوصا في العراق. لذلك سوف نكون على مواعيد لاحقة للاسف الشديد تعيد الينا مشاهد ما حصل قبل ايام! ما حصل ليس مقبولا والطيف الصحفي يتحمل جزءا من المسؤولية لأنه لم يبد ردة فعل تتناسب وحجم الكارثة. ان حجم التحديات والمخاطر يزداد في بلد مثل العراق تتحكم في مصيره طبقة سياسية غير مسؤولة وتتنفس فيه باسترخاء بعض النزعات المتطرفة التي تعتبر الكلمة الحرة عدوها اللدود.
من هنا ليس امام الاسرة الصحفية والمدافعين عن الحريات إلا أن يتضامنوا فيما بينهم ويقفوا بقوة تجاه موجات الترهيب التي تطال بعضهم بشكل أو بآخر.