" لاأعرف أن في الغرب نموذجاً مطلقاً؛ يجب أن يُتْبَع، ولكن هناك بعض الظواهر التي وجب التوقف عندها والتفكير فيها. منها ماحدث قبل أسابيع، حيث تم تجريد وزيرة التعليم الألمانية؛ من شهادة الدكتوراه وتنحيتها من منصبها، لما كُشِفَ أنها إقتبست من مصادر لم تسمها في رسالة الدكتوراه." ترى كم من الشهادات العربية، ستبقى بين أيدي أصحابها؛ لو تم تطبيق القاعدة أنفة الذكر. (( محمد الرميحي،جريدةالشرق الأوسط/ 16ـ شباط ـ 2013)).
تحمل هذه المقدمة، معنىً كبيراً حول الأمانة " أياً كانت سواء علمية أو مالية" والأكيد في الموضوع، أن الوزيرة قد إستحقت الدرجة العلمية بدون تزوير؛ وإلا لأصبحت هناك جريمة يعاقب عليها القانون، لأن المجتمعات الغربية من ضمن ما تعلمه لأولادها هو الصدق في كل مجالات الحياة اليومية.
وفي العراق هرج ومرج، مزورين وسراق للمال العام والخاص. فترى المزورين يملئون مؤسسات الدولة، الخدمية منها والعسكرية، فتلاحظ ضابط برتبة عسكرية كبيرة؛ لم ينهي الدراسة المتوسطة. لأن في سوق مريدي، من يمنح شهادة الإعدادية وحتى البكلوريوس والدكتوراه؛ بدون رادع قانوني أو أخلاقي على أقل تقدير. وعندما تبحث بعناية أكثر، ستجد مسؤولين في مواقع متقدمة؛ وليس لديهم سوى شهادات مزورة. هذا إذا ما علمنا أن التزوير وصل الى داخل العملية التربوية فتجد إن بين من يعلم أولادنا من يحمل شهادة مزورة. وفي إحصائية بسيطة؛ إعتماداً على بيانات هيئة النزاهة، نرى أن عدد المزورين هو 5012 موظف حكومي؛ منهم 358 موظف "طبعاً بينهم أساتذة ومعيدين" ويشكلون مانسبته 7% من مجموع المزورين، وفي وزارة التربية، فإن عدد المزورين هو 657 موظف" وبينهم من هو مدرس ومعلم في مدرسة" ويشكلون مانسبته 13% من المجموع الكلي للمزورين، مع ملاحظة أن الأغلبية منهم لم تحرك دعاوى ضدهم؛ إما لأنهم مجهولي العنوان" ولا ندري كيف تم تعيينهم أصلاً، أو للروتين المتبع في متابعة هؤلاء.
ولايزال البعض من سياسيينا، " المتورطين بعمليات التزوير بصورة مباشرة أو غير مباشرة " ينادون بضرورة إقرار قانون العفو، ليشمل هؤلاء المزورين. ونسي أو تناسى هؤلاء السادة، أن التزوير جريمة وليست جنحة، وبالتالي فعقوبتها مشابهة لجريمة القتل؛ العمد أو السرقة. كون المزور تعمد في إرتكابه هذه الجريمة، للحصول على منصب وظيفي أولا؛ وللحصول على المكاسب المادية ثانيا. وهو ما يعتبر سرقة المال العام.
وإذا كان ثمة ضرورة، لشمول هؤلاء المزورين بهذا القانون. فيجب إبتداءاً أن تعاد؛ كافة الأموال التي تقاضوها، من خزينة الدولة بدون وجه حق. بالإضافة الى تجريدهم من الصفة الوظيفية التي هم فيها الأن.
إن التزوير أيها السادة، نوع من أنواع الإرهاب كونه؛ يقوم بإيصال أناس الى موقع المسؤولية ليس أهلاً لها. لذلك نلاحظ أن عملية التنمية، متوقفة عن الدوران في معظم مفاصل الدولة، وانتشرت الواسطة والمحسوبية.
نحن ايها السادة، لسنا ضد أن يتم إقرار قانون العفو؛ لكن يجب أولا، إعادة الحقوق التي أخذها هؤلاء بدون وجه حق.
مقال: لا تربط الجرباء حول صحيحة؛ خوفا على تلك الصحيحة أن تجربا.