الإعتماد المستندي .. أثره في اعمال الاستيراد (1-2)

 

كثيرة هي المصطلحات التي تلحق باسماء البنوك لتزيد في تعريف مهامها ودورها في الحياة الاقتصادية حيث لا يصح ان نطلق على هذا الدور صفة الحداثة، بالنظر لمضي أكثر من ستمائة عام على بداية قيام البنوك بالشكل الاولي الذي بنيت عليه أركان تطورها لتصل الى ما هي عليه اليوم..

 

والمصطلح الاهم والاكثر قدرة في التعبير عن التعريف بالبنوك هو انها الوسيط المعتمد ( FIDUCIARY MEDIATOR ) وهذا يعني ان البنك هو موضع اتفاق وثقة من قبل المتعاملين في الاسواق المحلية أو تلك العابرة للبلدان. وتلازم تطور اعمال التبادل التجاري وانتقال السلع والبضائع مع تطور الادوات التي ابتكرتها البنوك لتلبية حاجات المتعاملين وتعزيز الثقة والضمان على اموالهم التي تسيح بها البواخر والناقلات بل وحتى الطائرات على أمواج البحار وفي القفار والاجواء.وبعد أن انقضى زمن المقايضة واسواق المواسم التي كانت تختص بها مواقع معينة بالعالم تعرض فيها المحاصيل التي لا تتوفر للغير. والتي كانت المبادلات فيها تتم بشكل مباشر، محاطة بالمخاطر العديدة التي كانت تتسبب بها أوضاع العالم في الأيام الماضية، وبساطة وسائط النقل وبعد المسافات.وبعد أن ظهرت الحقائق الجديدة في العالم وتطلعت الامم الى استخدام واستهلاك ما لديها وما لدى الاخرين ممن يمكن التغلب عليهم. بدأ بالضرورة عصر جديد له وسائله وادواته التي لم تكن القوة وحدها هي التي تحقق الهيمنه فيه وانما ظهرت عوامل جديدة في العلاقات بين البشر في مختلف اصقاع الارض تكيفت معه آليات التعامل والمبادلات. ووضعت المنهجيات التي جاءت بها الحركة الفكرية الاسس التي تحقق ما سمي بالجدوى الاقتصادية من التبادل التجاري.ما نريد ان نصل اليه هو القواعد والاليات التي تم صياغتها، بالعرف أو بالتشريع، والتي تنظم العلاقة بين البائع والمشتري في العملية التجارية التي يتفقان عليها وهي ما استنبط نتيجة تنازع وتصارع بين من استولى على الارض ومن تسيد مياه البحار التي تمر عبرها السفن التي تحمل البضائع. ولا نتردد في القول بان هذه القواعد ربما كانت مما ابتكره القراصنة في البحار أو قطاع الطرق في الفيافي والقفار.

 

وما دامت الاموال هي التي تشكل أقيام ما يتناوله التبادل في الاسواق، واتساع هذا التبادل الذي لم يعد من الممكن معه حمل النقود الكثيرة الى اماكن اخرى، فان الحاجة صارت ماسة للاستعانة بالبنوك لتأمين التأديات، وجاءت البنوك بالاعتماد المستندي.

 

ما هو الاعتماد المستندي : Documentary Letter Of Credit

 

هو خطاب يوجهه المصرف الى المستفيد وهو (البائع) يتضمن التعهد غير القابل للنقض (Irrevocable) بتسديد مبلغ معين لقاء تقديم مستندات شحن تثبت ان البضاعة هي فوق الناقلة السفينة أو الشاحنة أو الطائرة أو القطار وحتى المستند البريدي، خلال المدة المحددة على أن تقدم رفقة مستند الشحن قائمة تجارية تحتوي على تفاصيل البضاعة واقيامها ومنشأها وعدد القطع التي تكون الشحنة ، وكذلك شهادة منشأ مصدقة من غرفة التجارة والصناعة في بلد المنشأ ومصدقة كذلك من السفارة العراقية أو أي ممثلية أخرى تذكر في الاعتماد وعند عدم وجود تمثيل عراقي.وهذا يعني أن المستورد العراقي طلب الى المصرف الذي يتعامل معه اصدار خطاب اعتماد مستندي لاستيراد بضاعة معينه من مجهز تعاقد معه وبالمبلغ المتفق عليه بينهما ليقوم بتجهيز وشحن البضاعة من ميناء معين متوجهة الى ميناء الوصول المعين أيضاً وخلال مدة محددة ويقوم المصرف باصدار الخطاب موجهاً الى المستفيد عن طريق أحد مراسليه من بنوك بلد المستفيد ليتولى تبليغه بالاعتماد.وبعد اتمام الشحن تهيأ المستندات المطلوبة والمحددة بالاعتماد بالصيغة والشكل الموصوفة فيه وتقدم للمصرف الذي بلغ المستفيد ويطلب اله تسديد قيمة المستندات. ويقوم البنك الاخير بسداد القيمة بالطريقة المخول بها من قبل المصرف العراقي، ويرسل له المستندات.ربما تكون هذه خلاصة أو صورة مبسطة لعملية الاستيراد عن طريق الاعتماد المستندي ولكن القارئ الكريم يتطلع بالتأكيد الى ما يرافق هذه العملية من المنافع الأخرى لجميع  اطراف الاعتماد. وكذلك طبيعة الاعراف والقواعد والتطبيقات التي صاغتها غرفة التجارة الدولية لتكون دليل عمل لكل هذه الاطراف بالتزام تام وليس اختيارياًوتشترط هذه القواعد أن يذكر صراحة في متن الاعتماد المستندي أنه صادر وفقاً (للقواعد والاعراف والتطبيقات الصادرة عن غرفة التجارة الدولية (UCP) (UNIFORM CUSTOMS And PRACTISES) وبعكسه فلن يقبل الاعتماد من اي طرف. وبالمختصر فان الاعتماد يحقق الاتي:

 

{  يضمن للمشتري تسلم البضاعة ويضمن للبائع تسلم العوض.

 

{ وحيث أن البضاعة تخضع للتأمين فان الطرف المتضرر نتيجة الفقدان أو التلف خلال النقل يعوض القيمة.

 

{ ضمان ان البضاعة من المنشأ المحدد.

 

{ المواصفات تخضع للفحص والتدقيق حيث أن المستند الخاص بها يخضع لمصادقة جهات معتمدة.

 

{يؤخذ بالمستندات كحجة قانونية عند حصول نزاع.

 

{ مستند الشحن تكون فيه البضاعة ملكاً للمصرف وهو الذي يقوم بتظهيره للمشتري بعد أن يتسليم منه ما سدده للبائع.

 

{ تودع البضائع في مستودعات الكمارك في ميناء الوصول ويتم اخراجها بشكل رسمي واصولي.

 

{ وربما يكون الاهم هو أن قيمة البضاعة مضمونة للبائع بتسلمها حال تقديم مستندات الشحن الى المصرف.

 

وهناك امور اخرى تنطوي على الفوائد والمنافع التي تتحقق للمتعاملين في مجال الاستيراد والتصدير بالاعتمادات المستندية. سنوالي بحث الموضوع لاحقاً.