إصلاحات منذ عقد التسعينيات

وصف كنعان مكية حالة المواطن في العراق، في التسعينيات من القرن المنصرم،  في كتابة " القسوة والصمت "، الذي نشر في عام ٢٠٠٥ 
" نحن في العراق ليس لدينا مستقبل، عمري ٢٨ سنة حياتي انتهت لكن ربما لن يعاني أولادي مثلما عانيت، أني أحب ولدي الصغيرين، الصبي عمره سنتان وعمر الفتاة سبعة أشهر فقط، حين أشعر باليأس أقول للصبي ربما عندما تكبر ستقاتل في حرب ضد سوريا او ضد الأردن، ولا يعرف من الكلمات سوى ماما بابا ".

بغض النظر عما إذا كان المرء يكافح للبقاء على قيد الحياة، تحت حصار الضائقة المالية، أو الحرب التي يخوضها العراق ضد مايعرف بـ"داعش"، والتي سببتها أخطاء النظام السياسي الذي قضى على كل حس وطني في العراق، الا أن هناك ما يخيف في الورطة الحالية، والتي نعاني منها اليوم ؟.

الأيديولوجيات قد أنطبخت حد التبخر بالكراهية، حتى باتت التظاهرات مرأة لذلك، في غياب واضح للحالة الانسانية عند الجهات المعنية بالإصلاح، وركبت الموجة لكي تحقق مأرب أخرى، تكسب من خلالها الوجاهه، والسيطرة على حساب الحقوق .

منذ أنطلاق مسيرات الإصلاح، والحكومة بسلطاتها الثلاث تتكلم بالإصلاحات، التي خرج من أجلها المتظاهرين، الا أننا لم نشاهد أو تحقق منها سوى بعض الإجراءات البسيطة التي لا تعتبر أصلاحاً بحد ذاته، فلا زال نواب رئيس الوزراء والجمهورية يملكون القصور الرئاسية، والحمايات والسيارات، والامتيازات، ولا توجد خطط مستقبلية للنهوض بالواقع الزراعي او الصناعي.

هذه المأسي أصبحت جراح، تنزف عند كل حركة جديدة، والأبواب لا زالت مقفلة أمام طلباتنا المشروعة، ولا نعلم متى تستطيع السياسة أن تتحلى بالأخلاق، لانها هي الوحيدة التي ستجبر المتكبرين على الانصياع، في ظل غياب سلطة القانون، وبدونها سوف تتحول المأسي الى ويلات يمكن أن تأكل الأخضر واليابس.

الزمن قد تغير، عما كان عليه في زمن كنعان مكية، وأطفالنا تتكلم الانجليزية والعربية، ويمتهنون الحاسوب والتطور، لكن ما فائدتها في غياب الأمن والعدالة، وأنتشار الفساد والأجواء الملوثة فكرياً وصحياً، حتى أصبحنا نخاف عليهم من الشارع وسجن المنزل، ولا نعلم ما هو الحل؟.

لا أحد منا لا يعلم بهذه الحقائق، 
لكن ماهي الحلول في ظل عدم أستجابة الجهات المعنية بالاصلاحات، وتمسك رجالاتها بكراسي الملك على حساب النظام السياسي الصالح، ونحن فقط من يكوى بنيران الظروف الصعبة، لأنهم يملكون كل شيئ ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.


خلاصتي هذه المرة تدق أسفين التشائم في طريق الأحلام، وتدفن موتى الضمائر في مقبرة اللاإنسانية، وتعلن عن ولادة نظام مشوه يستحكم على مقدرات الفقراء والمعوزين، ويصم اذنية عن مناشدات ومطالب الراغبين بالتغيير، من أجل مجموعة من اللصوص الذين عاشوا شواذً على أرصفة الدول الخارجية، ويفضلهم على الذين باعوا أجمل ايام حياتهم لكي يحافظوا على مبادئهم، وأخلاقهم، في ظل نظام قمعي لم تشهد له المنطقة في التاريخ الحديث .