ملاحظات حول الدستور العراقي الدائم الملاحظة الثالثة

يلاحظ وجود حالات من الاختناق الادائي بين السلطات العليا الثلاثة للأسباب الاتية 
1 – يعد اداء الحكومة الاتحادية للمدة ( 2006 – 2010 ) واحدا من اهم اسباب هذا الاختناق . و ذلك للأسباب الاتية :
- لأنها تجاوزت على الدستور اكثر من مائة مرة مما اضعف مرجعية الدستور عن طريق التأويل احيانا و التجاوز الصارخ احيانا اخرى , الامر الذي اضعف مبدأ الفصل بين السلطات .
- لأنها تجاوزت على اختصاصات السلطة التشريعية احيانا و ضغطت على السلطة القضائية احيانا اخرى .
- لأنها هيمنت على الهيئات المستقلة و الاجهزة الرقابية .
2 – و يعد اداء السلطة القضائية واحدا من اسباب هذا الاختناق , و ذلك للأسباب الاتية : 
- بعض الفتاوى الدستورية ساهمت بهذا الاختناق لأنها كانت تميل لصالح السلطة التنفيذية , منها عدم الاعتداد بمقترحات القوانين التي يقدمها اعضاء مجلس النواب و تفسير مصطلحات الاغلبية المطلقة و الاغلبية البسيطة بشكل مغاير للأعراف الدستورية و القانونية , و تدخلها بقضايا الرقابة البرلمانية و تعطيل الكثير من حالات الاستجواب .
- انعدام وجود محكمة دستورية مختصة ساهم بهذا الاختناق ايضا .
3 – و يعد اداء السلطة التشريعية واحدا من اسباب هذا الاختناق , و ذلك للأسباب الاتية : 
- يلاحظ ان رئاسات البرلمان المتعاقبة مالت اما الى الصراع الدائم مع السلطة التنفيذية , الامر الذي عطل مسألة التعاون المتوازن مع السلطة التنفيذية , او انها مالت الى التعاون المطلق مع السلطة التنفيذية , الامر الذي اضعف من الفصل بين السلطات و اضعف من الاختصاص الرقابي للسلطة التشريعية .
- هيمنة رؤساء الكتل و الاحزاب على اعضاء السلطة التشريعية يدفع هؤلاء الاعضاء الى محاباة السلطة التنفيذية الامر الذي يضعف من الرقابة البرلمانية و المبادرة التشريعية على حد سواء مما يتسبب في الكثير من حالات الاختناق بين السلطات الثلاثة .
4 – اضف الى ذلك , ينطوي الدستور على اختلالات جوهرية ساهمت بهذا الاختناق بين السلطات منها :
- احتساب العراق بلد مكونات و ليس بلد مواطنين ( المادة 3 ) فرضت آلية التوافق كبديل عن الية الاغلبية التي تقتضيها العملية الديمقراطية . و هذا التوافق تسبب في اختناقات واضحة بين السلطات لان المقياس اصبح راجع الى سياسة المحاصصة الاجتماعية على حساب مبدأ الفصل بين السلطات من الناحية العملية .
- فقدان التوازن بين السلطات في الدستور ساهم في الاختناق الادائي بين السلطات الثلاثة . ففي الوقت الذي منح الدستور للسلطة التشريعية حق سحب الثقة من مجلس الوزراء ( المادة 61 ) فأنه لم يعطي لرئاسة الجمهورية الحق في حل مجلس النواب اذا تعسف في سحب الثقة عن حكومة ناجحة او في حال اخلاله بمهامه اخلالا جسيما .