لاشك بأن مداراة الناس- وليس مداهنتهم-  أمر مهم جداً في حياتنا ، فهي أقل ما يقال فيها أنها من الدين والحكمة والرشد، وقد عمل بهذه الخصلة الحميدة الرسل والأنبياء والحكماء والعقلاء ، فكانت هي سبب في مؤالفتهم للناس وكسب ودهم وحيازة محبتهم …. وأما االمداهنة فهي شيء مختلف ومرفــــــوض ولاتمـــــت للمداراة بصلة أو رابطة وهي نوع من أنواع النفاق الإجتماعي  الرخيص..!!. وكما لا يخفى على الأخوة المعلقين على منشورات بعضهم البعض في الفيس بوك إن الناس أذواق مختلفة ومستويات متفاوتة في أفهامهم وعقولهم ومداركهم ، وكثرة العتب مع بعض أصدقائنا في الفيس بوك على منشوراتهم أو تعليقاتهم أوعلى منشوراتنا لأسباب تتعلق برضانا أو عدم رضانا قد يولد لديهم النفور والضجر والإنزعاج ، رغم أننا نحترم وجهة نظر من يزعجه ذلك فيشتد في التلميح في عتابنا وربما يجفونا ويقاطعنا لفترات طويلة دون أن نعرف تقصيرنا بحقه ، ولكن نقول للصديق العاتب كما قال الشاعر الكبير بشار بن برد :

إذا كنتَ في كل الأمور معاتباً…….  صَديقَكَ لَمْ تَلْقَ الذي لاَ تُعَاتبُهْ

وقد يرى البعض أن العتب معناه الأهتمام بالمقابل ،حيث أننا نعاتب الصديق لأنه أقرب الناس إلينا ، وهذا دليل على أننا نهتم لأمره فنعاتبه ..لكن هنا نعود لقول الشاعر: (إن كنت في كل الإمور) أي هنا جائز العتب والذي يدل على أهتمامنا بأصدقائنا  بشرط أن لايكون هذا العتب لأتفه الإمور أو لأدنى الأسباب أويحصل على كل صغيرة منها ..لأننا إذا أكثرنا العتب واللوم على كل شيء سنحول هذا العتب واللوم والإهتمام الزائد الى ضيق وحنق يطغى على الحد وقد يكون مملاً ومنفراً للصديق ، مما يسبب لنا بالنتيجة فقدان الأصدقاء واحداً تلو الآخر …!!

ثم أن صداقة الفيس هي مجرد صداقة إلكترونية – رغم أن بعض صداقات الفيس قد أمتدت أكثر من ذلك وأثمرت أروع العلاقات الأخوية وبينّت المعادن والجواهر الأصيلة للصداقة الحقة – ولكن تبقى صداقات الفيس بوك – على عمومها- صداقات إلكترونية قد يفوتنا فيها ويخفى علينا الكثير من خصال الناس وأخلاقهم المحمودة  وسجاياهم الكريمة لمجرد أن أذواقهم في الحياة مختلفة عنّا أو أننا لاندرك حجم مشاكلهم الشخصية ورغباتهم الخاصة …. وإن عدم تعليقنا أو إعجابنا على موضوع أو منشور صديق لنا أوعدم تعليق الصديق وعدم إلتفاته إلى رأينا وموضوعنا المنشورعلى صفحتنا هذا الأمر لايضايقنا أبداً ولم ولن يفسد بيننا وداً ولا صداقة (إلكترونية) ..!!