المسؤولية الإجتماعية والبيئية في عقود التراخيص النفطية

 

في الوقت الذي اهتم المختصون في جولات عقود التراخيص النفطية بالجانب الاقتصادي الربحي والجوانب الفنية المصاحبة لعمليات الاستخراج والتصدير لتحقيق اعلى ربحية اقتصادية للبلد من اجل ديمومة الاقتصاد العراقي تضمنت عقود التراخيص في جولاتها الأربعة بنودا خاصة ومفصلة عن المسؤولية البيئية والأجتماعية وبما يضمن

 

ïالمحافظة على البيئة من التلوث الذي قد ينتج عن العمليات البترولية وتفليل الضرر البيئي الى الحد الادنى لتحقيق اعلى معدلات السلامة البيئية  وحماية المسطحات المائية من التسربات والبفع النفطية والسيطرة عليها وسبل معالجتها وكذلك حماية المياه الجوفية وتوازناتها .

 

في الوقت الذي تعاني الدول النامية النفطية من مشاكل بيئية واضحة من اهمها الية احراق الغاز الطبيعي التي تتبع في معظم الدول النفطية من اهمها العراق ودول الخليج .

 

وقدرت دراسة للبنك الدولي حجم كميات الغاز التي يتم احراقها او هدرها في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بأكثر من 50 مليار متر مكعب سنويا وهو مايضع المنطقة في المرتبة الثانية على هذا الصعيد في العالم بعد كل من روسيا ومنطقة بحر قزوين (حوالي 60 مليار متر مكعب) و افريقيا في جنوب الصحراء(حوالي 35 مليار متر مكعب) .

 

ودعت الدراسة دول المنطقة الى الأنضمام الى الجهود الدولية الرامية للحد من حرق الغاز الطبيعي على المســـــــــتوى العالمي كما دعت الى زيادة كفـــــــــاءة استخدام الطاقة بغرض التخفيف من حدة اثارها البيئية .

 

ïمراعاة الاثار البيئية المترتبة على الجمهور وضمان التعويض المناسب عن اصابة الاشخاص والممتلكات الى الحد الادنى والحفاظ على الحياة البرية ووسائل الحياة الامنة .

 

ïتحقيق الرخاء للمجتمعات. من خلال الأجراءات المناسبة والضرورية بموجب القانون والمعايير الدولية .

 

في نفس الوقت اهتمت العقود فيما يخص جانب المسؤولية الاجتماعية من خلال الألتزام الصارم بأخلاقيات العمل العامة وقوانين وانظمة مكافحة الفساد والحفاظ على الموارد الطبيعية بالشكل الذي يؤمن الوضع الاجتماعي السليم من خلال تشغيل الكوادر المطلوبة للعمليات البترولية في اسبقية اولى للمواطنين المحليين مما يرفع من شانهم معاشيا  شرط امتلاكهم المؤهلات والخبرة المطلوبة وتعويض الأراضي واعادة توطين المجتمعات المحلية الموجودة ضمن منطقة العمليات النفطية .

 

ان العمل على تحقيق رخاء المجتمعات يتطلب تنفيذ العمليات البترولية بالتعاون مع السلطات المحلية والمركزية والمجتمع المدني والمستثمرين المحليين لتعزيزجانب المنافع الأجتماعية للسكان المحليين .

 

ومن هنا يتبين اهمية نشر هذه العقود اعلاميا كي تطلع مختلف الجهات على بنود هذه العقود لتستطيع كل جهة من النهوض بواجباتها وفقا لما جاء في هذه العقود وبشكل قانوني.

 

وفي تجربة للقطاع النفطي العراقي وعلاقته الجدلية بين المسؤولية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية المستدامة  يتطلب الامر خفض معدلات الفقر وتحقيق حياة كريمة امنة مع المحافظة على البيئة

 

حيث يعتقد انه من الطبيعي ان يبدا الاهتمام في البرامج البيئية وتحسينها في حالة ارتفاع مستويات الانتاج .

 

ضمن هذا السياق فان الاهتمام بالجانب الانتاجي الربحي كان من اولويات اوربا الغربية ابان الثورة الصناعية بحسب مراقبين لهذا الشان متناسين اي اهتمام للبيئة حينها حيث من الواضح ان الرفاهية الاقتصادية التي كانت تبحث عن تحقيقها الدول الصناعية انذاك قد بلغتها على حساب السلامة البيئية .

 

الا انه في التاريخ المعاصر يلاحظ ان الــــــدول الغنية باستطاعتها مواجهة المشـــــــاكل البيئية ماليا من خلال تطــــــــوير تكنولوجيا رفيقة بالبيئة كالسيــــطرة على المياه الملوثة والتخلص من النفايات وهذا ما حصل للبلــــدان الصناعية في مراحلها المتقدمة .

 

ان التنمية الأقتصادية التي عرفتها البشرية منذ قيام الثورة الصناعية الى يومنا هذا تعد سببا رئيسا في تفاقم مشكلة استنزاف الموارد الطبيعية والتلوث البيئي .

 

ولايفوتنا في هذا الصدد الأشارة الى الاجراءات الأنضباطية المتحققة في الدول الصناعية الكبرى تجاه التلوث الصناعي وفرض الضرائب البيئية التي جعلت الشركات متعددة الجنسيات تنتشر عبر ربوع الدول النامية الفاقدة لكل الألتزامات البيئية ودون اي تضييق بل بالعكس تم استغلال الثروات المائية لتسريب كل انواع الملوثات الكيميائية حتى لاتزداد تكاليف الصرف الصحي بالنسبة لهذه الشركات .

 

بالرغم من ذلك اثبتت الشركات المتعدده الجنسيات انها اكثر التزاما من الشركات المحلية في الدول النامية بخصوص المعايير البيئية فيما اذا خضعت الى رقابة وطنية بعيدة عن مواقع الفساد والممارسات غير المشروعه .

 

في الوقت الذي تبذل فيه الشركات متعددة الجنسيات كل ما في وسعها من اجل تحقيق اكبر حجم من الأرباح  تعمل جاهذة للتنقيب عن الأماكن التي لاتطبق فيها المعايير البيئية بشكل صارم .

 

من هنا يضهر واضحا غياب الوعي الأجتماعي الناتج عن القصور الأعلامي في تقديم صورة فعالة للتأثير على غالبية المواطنين واقناعهم بضرورة تغيير تصرفهم ازاء الموارد الطبيعية والتعامل معها بشكل ايجابي  حيث لابد من اشراك المواطنين والجمعيات المختصة ومنظمات المجتمع المدني في اتخاذ القرارات المتعلقة باستغلال الموارد بالشكل الامثل وفق مفهوم التنمية الاقتصادية التي تتطلب تغيير في هيكل توزيع الدخل والانتاج مع تحسين في نوعية السلع والخدمات المقدمة للأفراد كما ونوعا  مصحوب بزيادة في متوسط الدخل الحقيقي لصالح الطبقة الفقيرة وتحسن في مستوى المعيشة لينعكس بالايجاب على مستوى الصحة والتعليم والثقافة الخ..

 

من هنا لابد من التركيز على جانب المنافع الاجتماعية في توضيف المنح والهبات المخصصة لهذا الجانب في انشاء الطرق والمراكز الصحية والتعليمية مع اهمية المساهمة ماليا وبالتعاون مع السكان المحليين في انشاء الورش الحرفية لتدوير الحلقات الاقتصادية البسيطة بالشكل الذي يؤمن رخاء اجتماعيا مناسبا .