لم أكتب عن مدينتي كربلاء كثيرا ، وقد يكون السبب إستغراقي في تبني العلمانية الليبرالية ، وكراهية للمناطقية والطائفية والقومية ، ولعل هذا ما دفعني للكتابة عن البصرة العديد من المقالات رغم أنني لم أزرها في حياتي ، لكني من باب الإلتزام الوطني أشعر أن البصرة هي الأم الحنون للعراق التي تدر عليه الخيرات وحبها واجب واطني على الجميع . مادفعني للكتابة عن الشخصية الكربلائية هو ظاهرة جديرة بالإهتمام والإحترام ، ففي ظل إنتشار الفساد وسرقة المال العام بين المسؤولين ، وجدت أن نادرا ماتوجه تهمة الفساد والسرقة الى شخص كربلائي سواء من العاملين في بغداد لدى الحكومة أو البرلمان ، أو داخل دوائر كربلاء ، ويبدو أن الكربلائي هو الأقل فسادا من بين أبناء العراق ، وهذه ميزة رائعة لأبناء المدينة وأخلاقها ، علما نحن لاننفي وجود المفسدين واللصوص عن الكربلائيين ، لكن نتحدث عن نسبتهم القليلة من بين العراقيين . من منظور التحليل النفسي تتصف الشخصية الكربلائية بمسحة من التصوف والحزن بسبب تعرضها منذ الطفولة ولغاية الممات الى المعايشة الإجبارية للشعائر والطقوس الحسينية ، والكربلائي عادة يكون شخص هاديء وحذر في علاقاته خصوصا عندما يخرج من مدينته ، ولديه إعتداد بنفسه يستمده من كونه يسكن في مدينة فيها ضريح الأمام الحسين ويزورها الناس من مختلف أنحاء العالم . وقياسا الى أبناء المجتمع العراقي غالبا ماتجد الكربلائي لديه إلتزام أخلاقي وسلوك جيد ومخلص مع الناس ، ويرجع سبب هذا الى التربية الدينية والأخلاقية التي يقوم بها المنبر الحسيني وطقوس عاشوراء ، وأثرها في تشكيل شخصيته وقيمه وسلوكه ، علما هذا لايعني أنني من المؤيدين لطقوس عاشوراء ، بل أنا ضدها ، لكني أتكلم من باب توصيف الواقع فقط . أخيرا يوجد سبب باطني عجيب للإختلاف في الطباع والسلوك بين أبناء المدن والبلدان في جميع أنحاء العالم يدرسه علم التنجيم الذي يرجع سبب هذا الإختلاف الى نتيجة تعرض البشر لمؤثرات الكواكب حسب درجة خطوط الطول والعرض للمكان ! هامش : كان بودي الكتابة عن شخصيات أبناء كل مدينة عراقية بشكل منفصل ، لكن الأمر سيفتح أبواب جهنم عليّ ، وسيغضب الكثير مني بسبب صراحتي .. لذا ألغيت الفكرة .
|