هذا ما حصل في الإنتخابات العامة لنقابة المعلمين العراقيين |
العراق تايمز: كتب حيدر حسين سويري
قبل ثلاثة أيام، من وقت إجراء الإنتخابات العامة لنقابة المعلمين(إنتخاب النقيب ونائبه وأعضاء الهيئة الإدارية)، في فندق المنصور ميليا في بغداد، نشرت صفحة التواصل الإجتماعي(الفيس بوك) التابعة لفرع النقابة في بغداد/الرصافة الثانية، إعلان موعد الإنتخابات والذي صادف يوم الخميس 3/9/2015 الساعة العاشرة صباحاً. حينما علمتُ بالموعد، نشرتُ الخبر على صفحتي الخاصة(الفيس بوك)، فتهكم الكادر التدريسي من الخبر، كون المعلمين لا يعرفون عن هذه الإنتخابات، التي وصلت إلى مراحلها الأخيرة شيئاَ! فقررت حضور الإنتخابات وتقصي ما يجري، وإجراء بعض الحوارات إن أمكن, لنكشف المخفي, فالتساؤلات كانت كثيرة وكبيرة، عن إمورٍ مُربكة تحدث خلف الستار. كان التساؤل الأول عن كيفية اجراء عملية الإنتخابات, لإن المجهول يُطوق الإنتخابات التي تجري للهيئات المستقلة والنقابات؟ قال الاستاذ م. ك (رفض ذكر إسمه): يختار كادر كل مدرسةٍ مَن يُمثلهم في النقابة، فيشكل مجموع المدارس قطاعاً، ثم ينتخبون لهم هيئة إدارية ورئيس قطاع، ثم يجتمع رؤساء القطاعات لإنتخاب رئيس فرع وهيئة إدارة الفرع، ثم تصل الإنتخابات إلى المرحلة الأخيرة، حيثُ يقوم رؤساء الفروع بإنتخاب نقيب المعلمين ونائبه وأعضاء الهيئة الإدارية العامة للنقابة. إنكشفَ شئٌ من المخفي، وبقيت أشياء، حاولنا التنقل في المكان، للتعرف عن ما وراء الكواليس؟ فأنا أرى حضور النائبين(رياض غالي – كتلة الأحرار) و(كاظم الصيادي – كتلة القانون)، فإذا قلنا أن الأول عضوٌ في لجنة التربية والتعليم البرلمانية، فمما حضور الثاني؟ كذلك فأنا لم أرَ أيًّ منهما يُلقي التحية أو السلام على الآخر! الوقائع في الوقت اللاحق للإنتخاب, أثبتت ثمة إتفاقٍ بإزالة النقيب الحالي(عباس السوداني)، وإبدالهِ بنائبهِ(حسين التميمي)، وملاحظاتي تؤدي إلى شئٍ صحيح، ولكني لا أستطيع البوح به، سننتظر بما تُفصحُ عنه النتائج. لكن لماذا هذا السعي للتغيير؟ ومن يقف وراء هذا!؟ وهل كانت القيادة القديمة متلكئة في عملها؟ قال أبو نوري(رجل تخطى الخمسين) الذي أعطانا كُنيته فقط: مضى عامٌ ونصف العام، ونحن نحاول الحصول على موافقةٍ رسميةٍ لإجراء الإنتخابات، وبعد تدخلٍ مباشرٍ من القيادي في حزب الدعوة(وليد الحلي)، الذي أملى شروطهُ علينا، تمت الموافقة، وإستطعنا جمع 300 ناخب من جميع المحافظات وفق الآلية المعروضة أعلاه. يبدو أن الإمور تتجه لنوع من حرب الأرادات السياسية، وليست مجرد إنتخابات لنقابة المعلمين! ولكنك لم تبين لي ما نوع التدخل لـ(وليد الحلي)، ولماذا؟ هكذا توجهت بالسؤال إلى أبو نوري الذي أجاب: حزب الدعوة يريد أن يسيطر على جميع مفاصل الدولة، الحكومية والمستقلة. بحثتُ في أروقة المكان، فوجدت إحدى المعلمات، وأحسست بأنها غير راضية عما يجري، الست ن. ح من أنصار النقيب السابق، فسألتها: لماذا يريدون تغيير النقيب؟ قالت: لأنه إنسان شريف بكل بساطة، يحافظ على ممتلكات النقابة ويستثمرها وينميها. كنت أبحثُ عمن أسأله حول الممول لأعمال النقابة، خصوصاً وهي مستقلة، ولكن المسؤول المالي، عرض ذلك وأعلنهُ من خلال المنصةِ على الجميع، وبإختصار فقد خُصصت أرباح معامل أصباغ حديثة لدعم النقابة، في حقبة النظام السابق، ثم تم شراء كلية المأمون الجامعة الأهلية، ومرآب(كَراج) مول النخيل، الواقع في شارع فلسطين/ بغداد. بدأ إنعقاد المؤتمر بحل الهيئة الإدارية العامة للنقابة، من قبل نقيبها(عباس السوداني)، بحضور ممثلين عن وزرارة العدل ووزارة الداخلية ومنظمات المجتمع المدني، وأُلقيت كلمات من قبل أعضاء الهيئة المنحلة والمرشحين الجدد، ثم بدأت عملية الإقتراع وكلٌ حسب محافظته. ثلاثةُ صناديق: الأول لإنتخاب النقيب والثاني لإنتخاب نائبه والثالث لإنتخاب أعضاء الهيئة الإدارية العامة، كانت هناك بعض الإعتراضات، ولكن القاضي أقر بعدم قانونيتها. بعد إكتمال عملية التصويت، الساعة الثانية بعد الظهر، أُخذت إستراحة لمدة ساعتين لتناول الغداء وقضاء بعض الأمور الخاصة، وعند الساعة الرابعة عصراً، حضر الجميع إلى القاعة، وبدأ القاضي بفتح الصندوق الأول، وتجميع الأوراق، وكانت لوحةُ مهيئةُ لكتابة عدد الأصواب للمرشحين، وطلب القاض قيام أحد الحضور لكتابة الأصوات، وبدأ القاضي بفرز الأصوات. سيدةٌ كبيرة، تجلس هادئة، تراقب المكان وما يجري حولها، وكأنها مطمئنة من النتائج، فهي تقرأ ما بين السطور، فما كان مني إلا أن قلتُ لها: أراكِ هادئة سيدتي، وكأنك تعرفين ما ستؤول إليهِ الأمور، فمن تظنينهُ سيفوز؟ ولماذا؟ وما هو رأيك بالمُرَشَحَينِ لمنصب النقيب؟ فأجابت وهي تبتسم: بُني.. الموضوع محسوم، سيفوز(حسين التميمي) لأنهُ مدعوم من كتلة القانون، وبالرغم من أني لا أُشكك بنزاهتهِ، فقد كان نائباً للنقيب، ولكني أميلُ إلى (عباس)، لأنه إنسان بسيط ونزيه وأمين، ويسعى لخدمة المعلم.
كانت المنافسة شديدة، وتمشي بفارق صوت واحد، تارةً للأول وأُخرى للثاني، حتى أنهى القاضي أوراقهُ بوجود سبعة أوراق باطلة، وعند الجمع من على لوحة الأصوات فاز (حسين) على (عباس) بفارق صوت واحد! زغاريد وهتافات وصياح، فرح عمَّ القاعة، وبدأ المهنئون ينهالون بالتبريكات على(حسين)، لكن القاضي أمر جميع الحاضرين بالجلوس، وقال: تريثوا لم أُعلن النتائج بعد. فطلب من ممثل وزارة الداخلية وممثل المنظمات، مراجعة الأوراق وفرزها من جديد، وكانت المفاجأة بأن الصوت الفارق لـ(عباس) وليس لـ(حسين)، فعمَّ الهدوء القاعة، ولم يستطع أنصار(عباس) حتى الكلام، إنما بانت الإبتسامةُ على وجوههم فقط. طلب القاضي حضور(عباس) و(حسين) عندهُ، لمراجعة الأوراق، والتحقق من صحة النتائج، وتم ذلك، فبارك(حسين) لـ(عباس) الذي كان هادئً طول الوقت، وكأنه كان راضياً بخسارتهِ ومستسلماً لها. قال القاضي لـ(حسين): إن الأوراق الباطلة، منها أربعة صوتت لـ(عباس)، وإنما أبطلتها لأنها أوراق مخصصة لإنتخاب النائب وليس النقيب، ولتكن مطمئناً فأن (عباس) تقدم عليك بخمسةِ أصوات. أما عن إنتختاب النائب فقد إكتسح (علي الخالدي) الأصوات وفاز بمنصب النائب. بقي شئ... قال تعالى:( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال : 30])، نتمنى أن تكون هذه الإنتخابات لنا درس نتعلم منهُ، لا سيما والناخب كان المعلم، وأن نتمكن من أن نصل بالرجل المناسب إلى المكان المناسب، وأن لا نخضع للفاسدين مهما تكن قوتهم، وأن نحبط محاولاتهم، للنيل من إختيارنا لمصير أُمتنا، وشأننا العام والخاص. |