ليست المرة الأولى يتعرض العراق فيها الى غزو الكوليرا بل أطل الغزو الكوليري مرات بشعب العراق وحصد ارواح الآلاف من العراقيين وفي ازمان بعيدة حتى عام (1975) غزا هذا المرض العراق وعاث بالارواح العراقية فسادا وصدرا لى الباري المئات من ارواح الاطفال والشيوخ والنساء دون رحمة ولم يذكر لتلك الايام السوداء ذكر بسبب عدم افصاح دوائر الصحة انذاك عن المرض خوفا من تأثير ذالك الوباء على سمعة الحكومة العراقية في عهد البكر والتي كان صدام مسيطرا على مقاليدها وأنعكاسها على الوضع الداخلي والخارجي فسيست تلك الحرب لصالح جهابذة الساسة الخبثاء ليسجل
نصران على اهالي العراق النصر الاول هو نصر مرض الكوليرا على العراقيين والنصر الثاني هو نصر الحكومة العراقية على العراقيين ليسجله التاريخ بعد ذالك ضد وباء اسمه الكوليرا في العام 75 بدأ العراقيون يتلمسون الطريق نحو السير مع الركب الدولي وبداية حياة جديدة حسب راي الأطباء اللذين تركوا العراق ونقلوا بعد ذالك تعليمات وتوصيات الحكومة العراقية آنذاك من عدم افشاء سر ذالك المرض للعراقيين والعالم خوفا من ان ينعكس ذالك سلبا على الحياة السياسية وعلاقات العراق مع جيرانه وقد يؤدي ذالك الى غلق الحدود مع الدول وإيقاف الطيران نحو العراق وربما
يتوقف التصدير الى العراق المهم ان الذي جرى عتم عليه وزايدت الحكومة على حياة العراقيون وحصل ما حصل ولو انها استعانت بالمنظمات الدولية والدول الأخرى لقدمت لها المعونات ولسيطر على ذالك الوباء وأنقذت أرواح الناس من الكوليرا التي ليس لها مكان كما يبدوا ياويها الا في ارض السواد ارض النهرين ومما اضطرها وبسبب ازمة السكن العالمية ان تحط برحالها في ارض العراق وبين جنبات المواطنين ...
معلوم ان استيطان هذا المرض في العراق ليس اعتباطا ولا صدفة بل جاء عن دراسة ودراية لقادة مرض الكوليرا وشيوخها فإنهم بحثوا في كل المواطن والبواطن وجالوا وصالوا في جهات الأرض الأربعة فلم يجدوا أصلح وأفضل وأجمل وارقى سكنا من ارض العراق ليستوطنوا فيه وليؤسسوا دولة في داخل دولة العراق تسمى دولة (الهيضة) او الكوليرا وبدأت هذه الجيوش الكوليرية تشن هجماتها بين الفينة والأخرى على اهل العراق وتوقف الانباض وتبكي العيون كل ذالك وحكومات العراق ووزاراتها المتخصصة تتفرج على تلك الجيوش وهي تقتل أبناءها وليس لها جيش يرد على تلك الغزوات لينقذ
ابناء العراقيين من غزو الكوليرا ودائما ما تتصرف تلك الحكومات ووزاراتها بعدم المبالات بأرواح الناس االراحلة الى بارئها خشية على مصالح الحكومة وحفاظا على ماء وجه العراق الآسن الذي اسكن مرض الكوليرا والدوافع دائما سياسية...
هذا المرض الفتاك دائما يهاجم الفقراء في عقر دارهم المتهالك ودائما يسكن بين جنباتهم وبجوارهم ولو ان الاغنياء في مناى عنه بسبب وفرة ذات اليد لكنه لا يبالي عندما يقتحم المدن ويجندل صروح الاغنياء عندما يرسل بجيشه الى الانهار الكبيرة ويغزوا ويهد حصون الاثرياء وعند ذالك سيبحثون عن مكان يأوون له وكما حدث ذالك في عام (1864)م عندما قدم المرض من الجارة ايران التي بدورها استوردته من الهند وفي تلك الفترة هرب الميسورين الى الصحراء ونصبوا خيامهم هناك بعد ان راوا الموت قد اقتحم قلاعهم,, مات في تلك الفترة (4318)مواطن ومن بغداد حصرا ...
اليوم وفي القرن الواحد والعشرين وفي العام الخامس عشر منه في زمن العلم والتطور والهندسة الوراثية والجينية يعود ليظهر هذا المرض ويستيقظ من سباته ليرسل بمجساته اولا هنا وهناك فيظهر في الديوانية مرة ومرة في بغداد واخرى في ميسان ومحافظة النجف الاشرف وفي الاقليم ليتأكد من ان اهل العراق لازالوا في العام (1864)م وتاتي النتائج لصالحه ويقرر اخيرا الظهور في مدينة بغداد كقوة تضاف الى قوى الموت الداعشي ومفخخاته والخطف والقتل وبزحف منظم فتاك قاتل ويبدأ رحلته من مدينة الحلة التاريخية ومن قراها النائية ومن بين آلام فقراءها المساكين من قرى
(الحراكصة ..ورطيب ,,وسويد,,والغزالي..وعصيب ,,الاكرع ) ويبدا رحلته نحو المدن ويظهر في مدن أخرى بعد ان ايقن وتيقن من تحرره وعدم وجود احد يردعه ليبدأ رحلة الفتك الجباره بارواح اطفال تلك المدن الفقيرة ويبدا بالصغار قبل الكبار مستغلا نقص في الخدمات التي لم توفر لأهالي تلك القرى وبعد ان راى ان اولاءك الناس يشربون الماء مع الكلاب من المياه الراكدة والجوفية والابار المحفورة بعد ان تأكد من ان احدا لم يسأل عن هؤلاء الناس ويعقم مياههم ويوصل لهم المياه الصالحة للشرب لتمتلئ امعاءهم ببكتريا الكوليرا التي ما ان تصل الى الأمعاء الدقيقة حتى تبث
سمومها داخل الامعاء لتبدا رحلة الاسهال المائي والقيء الشديد ليصل الحال الى ان المريض يفقد سوائله واملاحه وغذائية وفي فترة لا تتجاوز الثلاث ساعات ..
وبما ان الناس يجهلون التخلص من هذا الوباء وكيفية التصرف معه بسبب افتقارهم للوعي الصحي وهنا تبدأ رحلة الاغماء والغثيان ومن ثم الوداع الاخير وبما ان الطرق بين تلك القرى والمدينة غير معبدة فأن الوصول الى المستشفى يحتاج الى وقت ووقت طويل فأن المرض عند ذاك قد ادى مهمته وقبضت روح المواطن ..اما من يصل الى المستشفى وهم كثر ونجاوز العدد (العشرات)مريض يحملون اعراض المرض المتمثلة بالإسهال المائي والقيء ولرداءة الوضع وتقادم الاجهزة والبنايات والابتعاد عن ركب التطور الصحي العالمي بعضهم يكتب له العودة الى بيته ثانية والبعض يرحل من المستشفى
مباشرة الى مقبرة وادي السلام دون تكرار ضحكاته مع اصدقاءه واخوته ليجد نفسه بين يدي قابض الارواح ...
ومن غرائب الامور وعجائبها ان نتفاجأ ويتفاجا الناس ان هناك من يتاجر في ارواح هؤلاء المساكين لغايات اقل ما يقال عنه انها شبيه بتلك التي تحدث عنها البعثيون عام (75) من سيادة واستثمار واغلاق حدود واعمار وان الافصاح عن مرض الكوليرا له تداعيات سلبية على الدولة العراقية وبناءها فبدأت الارقام تقضم قضما من قبل المسئولين في الصحة وكل من يتفوه ويصرح بالحقيقة فأن فقدان وضيفته وقارعة الطريق بأنتظاره او نقله الى المناطق النائية ففضل بعضهم السكوت ليعطي للمسئولين التصريحات الكاذبة التي لا تعطي نصف الحقيقة فلم يذكر احدهم ان عدد الحاملين لمرض
الكوليرا من تاريخ(1-9ولغاية 15-9)وصل الى (عشرة الاف حالة اسهال ) ولم يذكر احدهم عدد المتوفيين الذين ماتوا في احضان امهاتهم ولم يذكروا عدد الاكياس (المغذيات)التي أعطيت للمرضى والتي وصل عددها الى الاف الاكياس حتى ان المدراء العامون المبجلون يمارسون الضغوط الادارية بحق زملاءه الاطباء عندما يصفون المريض بأنه حامل لأعراض الكوليرا من اسهال وقيء كان يوبخهم ويطلب منهم استبدال الوصف بالالتهاب المعوي ومنعوا ان يكتبوا الاسهال المائي وعندما صرح احد الاختصاصيين بأن المرض بدأ يتفشى في بعض المناطق اقاموا الدنيا ولم يقعدوها واوصوا الادارات
التنفيذية بعدم التصريح واخبروهم ان التصريح عن هذا الوباء هو مركزي وفعلا حصلوا على مرادهم واتت اكلها تطلعاتهم فلم يخبروا العالم ولم يصرحوا بما يجري ليغاثوا من قبل المنظمات الصحية المتخصصة او الدول المتطوره صحيا ...
ولكن وبعد استفحل المرض وعاث فسادا بأرواح الناس بدأت الصيحات من هنا وهناك لتعلن خجولة عن وجود مرض يسمى الكوليرا علما ان التصعيد له مردودات ايجابية اكثر منها سلبية لأنه كلما صعدت من الاعلان والافصاح يجعل العائلة العراقية خائفة وتولد الخوف لدى لناس يعطيهم ويدفعهم حرص شديد للوقاية من المرض ومن ثم التعامل بجدية لأبعاده عن صحتهم...
ان ماجرى من تعتيم وتكميم لهو شبيه بما جرى في عهد الطغاة ولعمري ان التاريخ أعاد نفسه وربما ان البعض من المسؤولين اليوم هم مسؤولين بالامس وربما سخروا تجربتهم السابقة ليتعاملوا بها اليوم ..اسفا والف اسف مما يجري في العراق والمتاجرة بأرواح الناس فلم تسقط حكومة ولم يغادر وزير ولم يساءل مسؤول لكن لقد غادرت بنيين ابنة السنتين ولحقتها ابنة عمها ابنة الاربع سنوات وبكت فطومة لرحيل ولدها ابن السابع وبكى لزام على فراق ابناءه من المسئول امام الله والجميع يعلم ان الوقوف سيطول بين يدي الباري والكتاب الذي يسلم باليسار لا ولا يمكن ان يتحول الى
اليمين وان ميزان الله هو اعدل من كل الموازيين وان المناصب في الدنيا لا وجود لها في الاخرة انا لله وانا اليه راجعون وحسبنا الله هو الوكيل وهو مالك الملك.