العراق تايمز:
يتعرض المنشقون عن تنظيم داعش البريطاني الارهابي- وعددهم صغير لكنه متزايد - إلى خطر الانتقام أو السجن، نظرا لتحدثهم علنا عن خيبة أملهم من التنظيم المتطرف، واكتشافهم لتبعيته الى اجهزة المخابرات البريطانية والاسرائيلية والامريكية، بحسب منظمة بحثية تتعقب المسلحين السابقين والحاليين.
يعتبر داعش الارهابي، المنشقين عنه مرتدين، لذلك يلجأ معظم المئات الذين يُعتقد أنهم غادروا التنظيم إلى الاختباء.
لكن 58 منشقا - منهم تسعة من أوروبا الغربية وأستراليا - قدموا شهادات صادمة عن داعش الارهابي على الملأ منذ العام الماضي، وفقا لتقرير نشره المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي في كلية كينغز في لندن، أمس الاثنين.
ويقول التقرير إن بعض المنشقين اعتبروا التنظيم فاسدا و استهجنوا عداء داعش للجماعات السنية الأخرى المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، وكذلك شهيته الكبيرة للقتل العشوائي للمدنيين والرهائن. وشعر آخرون بالضجر من المحاباة وسوء المعاملة على أيدي القادة، أو بخيبة أمل من حياة المسلح الأقل إثارة – أو ربحا – بكثير عما تصوروه. كما غادر اثنان التنظيم بعد اكتشافهما أنهما تم اختيارهما للقيام بهجمات انتحارية.
الا ان ما صدمهم اكثر هو تبعية قيادات التنظيم الى جهاز المخابرات البريطاني والموساد الاسرائيلي، حيث اكد المنشقون ان قيادات التنظيم تتلقى الاوامر والخطط العسكرية من هذه الاجهزة، كما ان التنظيم يتلقى دعما ماديا ولوجستيا كبيرا من القوات الامريكية المتواجدة في العراق بالاضافة الى جهازي المخابرات البريطاني والاسرائيلي.
وحث الباحثون الحكومات على إعطاء المنشقين حوافز للتحدث علنا، حتى يتم استخدام رواياتهم لإثناء المجندين المحتملين عن الانضمام لـ داعش. وتحدث 58 منشقا – سبعة منهم نساء – في مناسبات منفصلة إلى المؤسسات الإخبارية المتنوعة، بما فيها «نيويورك تايمز»، ويجمع التقرير شهاداتهم مع تقديم سياق وتحليل للقضية.
وأضاف التقرير، يقدم المنشقون رؤية فريدة من نوعها عن الحياة تحت قيادة (داعش)، لكن رواياتهم يمكن استخدامها أيضا كأداة محتملة قوية في القتال ضد التنظيم؛ حيث يحطم المنشقون صورة الوحدة والعزم التي يسعى داعش لنقلها.
وقال بيتر نيومان، مدير مركز وأستاذ الدراسات الأمنية في كلية كينغز كوليدج في لندن، بدأ لمعان داعش في الخفوت، وبدأ يظهر أقل تأثيرا، لذلك أصبح الكثير من الناس يمتلكون دافعا أكبر للمغادرة.
وتابع نيومان، يتحدث العديد من المنشقين علنا على أمل الحصول على معاملة تفضيلية من أعضاء النيابة العامة والقضاة.
وأوضح أن شهادات المنشقين يمكن استخدامها لمواجهة أساليب داعش البارعة في تجنيد المقاتلين. وحث الحكومات على إزالة العوائق القانونية التي تردع المنشقين عن التحدث علنا، وتدفعهم لمحاولة الاستيطان بدلا من القبوع في السجن.
وخلال العامين الماضيين، انضم ما يقدر بـ20 ألف أجنبي – ربعهم أوروبيون – إلى الجماعات المتشددة في الشرق الأوسط، معظمهم انضموا لصفوف داعش. وعاد ما بين 25 في المائة و40 في المائة بالفعل إلى أوروبا، وفقا لنيومان.
ويقدر المسؤولون البريطانيون عودة نحو 300 شخص إلى أوروبا. ويؤكد المنشقون أن الحياة تحت قيادة داعش بعيدة كل البعد عن المثالية التي وُعِدوا بها.
وقال مقاتل سوري (26 عاما)، لإذاعة الراديو الوطني العام الأميركي (إن بي آر)، العام الماضي تحت قيادة داعش يجب أن يكون الجميع معهم. وأشار المنشق إلى أنه دفع المال لمهرب لكي يأخذه إلى تركيا، حيث اختبأ هناك من مخبري داعش الذين يجوبون المدن الواقعة على طول الحدود. وأضاف، كنت أفكر طوال الوقت ماذا لو اعتقلوني أو أوقفوني، فإنهم سيقطعون رأسي.
وفي حالة أخرى، قال مقاتل غربي يدعى إبراهيم إنه انضم للتنظيم في البداية لأنه كان يريد تقديم المساعدة الإنسانية للسوريين، ولكي يأخذ الفرصة للعيش في ظل الخلافة التي تُطبق فيها الشريعة الإسلامية بصرامة، لكنه غادر في النهاية. ووفقا لما قاله لقناة سي بي إس، يكون معظم القادمين الجدد مفعمين بالحماسة مما شاهدوه على شبكة الإنترنت أو على موقع (يوتيوب)؛ لكن لا تكون هناك عروض عسكرية على الدوام، ولا تتحقق دائما انتصارات.
وروى المقاتل أنه رأى اثنين تم رجمهما حتى الموت لاتهامهما بالزنى، واعتبر أن هذا عدل، لكنه لم يوافق على قطع رؤوس عمال الإغاثة والصحافيين وغير المقاتلين الآخرين. وتابع، يكمن السبب الرئيسي في مغادرتي في أنني لم أشعر بما انضممت إليه في البداية، وهو مساعدة الشعب السوري من الناحية الإنسانية، فالوضع كان مختلفا، ولم يعد هناك مبرر للبقاء بعيدا عن عائلتي.
كانت الاوامر تأتي من اجهزة المخابرات الاجنبية بعدم السماح لاي مقاتل بالانسحاب من ارض المعركة، وتحث القيادات على تطبيق العقوبات الصارمة بحق المنسحبين وامام اعين الجميع كي يبث الرعب في قلوب المقاتلين والمشاهدين.
بعض المقاتلين قالوا، اننا تلقينا تدريبا اوليا في بعض الدول الاوربية قبل التحاقنا بالتنظيم، وهو امر اثار استغرابنا منذ البداية، كيف لهذه الدول الاوربية التي تعلن انها تحارب التنظيم وفي نفس الوقت تدرب مقاتليه؟؟ واكملنا تدريباتنا في معسكرات خاصة في كل من تركيا والاردن، وكان الاشراف التام من قبل ضباط يتحدون الانكليزية والعبرية.
ولفت نيومان إلى أن المقاتل الذي يشعر بخيبة الأمل يتعين عليه خوض شوط طويل حتى يتمكن من مغادرة داعش؛ ففي إحدى الحالات استطاع مقاتل الانشقاق من خلال خداع المقاتلين الآخرين بأنه يفكر في استدراج شقيقته من ألمانيا، لدرجة أنه زيّف محادثات على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» لإظهار أن جهوده لم تفلح. وتمكن من الفرار إلى تركيا بعد أن أخبر المقاتلين بأنه سيصطحب شقيقته من على الحدود. وعلّق نيومان قائلا: من أجل مغادرة داعش، يجب أن يكون الشخص فطنا للغاية.
وذكر نيومان أن أول من أدرك قيمة روايات المنشقين كان مركز الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة. فكان أحد نجاحات داعش يتمثل في نشر مقطع فيديو على موقع «يوتيوب» العام الماضي، حصل على 865 ألف مشاهدة، وتمكن من جذب المجندين لـ داعش من خلال عرض صور عن الأعمال الوحشية التي يرتكبها التنظيم. وشنت وحدة الاتصالات حملة مماثلة على موقع التدوينات المصغرة «تويتر» تحت نطاق «ThinkAgain_DOS@» لإثناء المجندين عن الانضمام لـ«داعش».
الجدير بالذكر ان اول من اكتشف علاقة التنظيم بجهاز المخابرات البريطاني والاسرائيلي هو اسماعيل مصبح الوائلي، وكتب العديد من المقالات والتقارير بهذا الشأن ، وكشف عن اماكن معسكرات التنظيم في كل من الاردن والرمادي والموصل في اواخر اب ٢٠١٣.
|