أصغينا في بلاد الأندلس إلى محاضرة لعالم الآثار الدكتور زاهي حواس، مرفقة بالصور الضوئية الملونة للأعمال التي قام بها في البحث عن شواهد التاريخ المصري، وما يسميها في أحد كتبه (40 كتاباً) «40 سنة حفائر». يعرض الدكتور حواس هذه المشاهد المذهلة من محفورات ملونة وبيوت تحت الأرض ومومياوات محفوظة وتماثيل من ذهب وكنوز وأدوات، ثم يقول إن جميع ما اكتشف حتى اليوم لا يشكل 30% من الثروة الأثرية في مصر. حتى العام 2010 كانت السياحة الأثرية تدر على مصر 11 مليار دولار في العام. لكن، بعد ثورة 25 يناير توقفت السياحة الأجنبية ولم تعد هناك موازنة للأعمال المصرية، وبقيت نحو 24 بعثة أجنبية تحفر في الأرض بحثاً عن مدائن كاملة مطمورة تحت سطحها. سألت الأستاذ المحاضر، عن أهم مدارس الآثار التي ساهمت في نبض مصر الفرعونية. قال: الفرنسية والبريطانية والألمانية والأميركية. قلت، لكن من الأولى بينها. أجاب بعد تمهل، لعلها الفرنسية، فعلماؤها لم يحققوا فقط أبرز الاكتشافات، لكنهم كانوا أيضاً وراء فكرة ومشروع إعادة فتح قناة السويس التي كان الفراعنة قد أقاموها 600 سنة قبل الميلاد. ليس لدى الدكتور حواس شك في أن أصول حضارات العالم خرجت من بلاد العرب: مصر وسوريا والعراق وليبيا ولبنان. ويعرب عن إعجاب شديد بآثار الأردن والسعودية. ويقول إن الأمير سلطان بن سلمان حقق في نبش التاريخ السعودي القديم أعمالاً مذهلة لم يكن ليعرف بها أو يتوقعها أحد. وقال المحاضر إن المثابرة التي أظهرها الأمير سلطان خلال سنوات وضعت السعودية على خريطة الدول الآثارية الكبرى في العالم. لكنه يعتقد أن ما اكتشف حتى الآن – كما حال مصر – لا يشكل سوى نسبة قليلة من الثروة التاريخية. بنت اليد المصرية معجزات البناء. عشرة آلاف عامل بنوا هرم خوفو. 120 ألفاً ماتوا في شق قناة السويس. يد هائلة بنت أبا الهول. وأياد جميلة بنت الإسكندرية. واليوم، يد آثمة تطلق النار كل يوم على ضابط أمن، أو على عسكر سيناء.
|