لماذا انتظر الوائلي قاتليه ؟ |
من سجل و (تراث) التصفيات لسياسيه العريق في بلاد الرافدين نوعان احدهما تقليدي يتعلق باستعمال الأسلحة وأدوات الموت لأزاحه الخصوم عن الوجود والمسرح السياسي... وأخر اخطر واشد إيلاما وفتكا لأنه دعائي رخيص وشيطاني سلاحه الأكاذيب .... يقلب الحقائق ويفبرك السيناريوهات قادر على إنهاء ضحاياه بعاصفة من الأكاذيب او شرانقها السوداء التي تلفهم وسط الناس مثل الكفن و التي تتحول أحيانا الى عمليه إعدام يومي تتواصل حتى بعد موت هؤلاء الضحايا والخصوم وإنزالهم في لحودهم... فهناك دائما من يتلذذون بلحوم الناس إحياء وأمواتا وليسوا بحاجه الى مسدسات كاتمه بل لأفواه وأقلام ماجوره.
وقضيه الشهيد محمد الوائلي هي النموذج الأكثر حضورا على هذا النوع من الاغتيال السياسي والتصفية الاخلاقيه في عراق ما بعد الاحتلال والتي سبقت بسنوات تصفيته الجسدية البشعة التي نفذها محترفون بسبع رصاصات غادره اخترقت جسده ووضعت نهاية لحياته عشيه يوم الخميس الماضي وكانت ألنقطه الأخيرة في أخر سطر من حياه هذا البصري الذي ترك خمسه بنات وولد وحيد أسماء( عباس) وكأنه كان يتوقع تلك النهاية الماساويه ويعيش في ليله حلم السهام التي انطلقت على شقيق السبط في كربلاء وهو يجازف بحياته لإنهاء حصار العطش واختراق جيوش البغي التي حالت بين الاطفال والنساء وبلوغ نهر العلقمي الذي ترتع فيه الدواب ومنع عن عطشى الهاشميين. لا أبالغ ان قلت ان محمد الوائلي ربما اختار بدواخله هذه الميتة التراجيدية وتمناها بصمت وتوقعها لا رغبه منه في الانتحار العبثي وإنما ليؤكد بدمه المسفوح على إسفلت العشار براءته إمام الناس من كل تهم المال السحت والحرام رغم ان سهام الظنون والشبهات لم تبقي من جسده موضعا في حياته وبعض هؤلاء لم يتورع عن إطلاق ما تبقى منها على نعشه وقبره. إنا لله وانأ إليه راجعون. للاجابه نقول للقراء الأعزاء الذين تعنيهم الحقيقة ولا تعمي بصائرهم الأحقاد ولا تخدعهم السيناريوهات والاثاره ان محمد الوائلي وفق ما توفر لدي من معلومات لا تنطبق عليه أي من هذه التوصيفات او السيناريوهات الغامضة بل هو أولا وأخيرا ضحية مغدوره و شخصيه تمثل نموذجا عن البرجوازية العراقية التي لم تؤمن بايدولوجيا التيار القومي ولا اليسار العراقي اللذان حملتهما الحركة الاسلاميه مسئوليه فشل مشروع ألدوله العراقية ألحديثه على مدى اكثر من ثمانيه عقود خلت واختارت التيار الإسلامي وتأثرت مثل الملايين في وسط وجنوب العراق بأفكار الشهيد المفكر محمد باقر الصدر وانتعش أملها بامكانيه تطبيق النموذج الإسلامي مع قيام الثورة الاسلاميه في ايران عام 1979 وتحول استشهاد الصدر الأول على يد صدام حسين عام 1980 نموذجا أكثر حضورا للحلم السلطوي و تكرست أحلامها بالتعلق بحلم ابن عمه السيد الصدر الثاني الذي لقي مصرعه أيضا عام 1999م ليترسخ الموت في وجدان و عقليه عشقت الضحية وقدستها عبر تراثها المذهبي والتي تعرضت خلاله لنكسات وعمليات قمع ومطارده وحشيه في ظل النظام السابق ثم انخرطت هذه الشخصيات الشابة وبعضهم من اسر غنية مثل الوائلي بالمشروع السياسي في العراق بعد الاحتلال عام 2003م . وتصحيحا لبعض ما ورد في مقال تناول هوية الجهة التي اغتالت الوائلي أود ان أوضح ان محمد الوائلي من اسره بصريه معروفه وقد ولد في ألبصره ولم يولد في قريه (جناجه) في قضاء طويريج مسقط رأس رئيس الوزراء نوري المالكي فالمسافة بين المدينتين شاسعة بقدر الحق عن الباطل!!! والتصحيح الأخر ان الشيخ اليعقوبي ليس من أهل البصرة فهو حفيد الشيخ محمد علي اليعقوبي رائد المنبر الحسيني المعروف واصله من الحيرة ، وقد حدث عام ٢٠٠٤ ان اليعقوبي كان متوجها للحج عن طريق البر وحدث إشكال في المنفذ الحدودي اضطره للمبيت في البصرة وقد احتفى جمع كبير من مقلدي السيد الشهيد الصدر بوجود ه في البصرة واجتمعوا اليه حيث القى فيهم محاضرة عن الأوضاع العراقية ثم تشكل بعد ذلك تنظيم الحزب في المحافظة من تلك المجموعة التي كانت معه وفيهم الحاج جابر خليفة ( الامين العام المساعد للحزب) ومحمد مصبح رحمه الله. والامين العام الحالي السيد هاشم الهاشمي والامين العام السابق ... حزب الفضيلة الاسلامي الذي ينتمي اليه المغدور حصل في انتخابات مجالس المحافظات عام ٢٠٠٥ على اكثر من نصف مقاعد المحافظة في البصرة وهكذا كان لديه الأغلبية المريحة ليكون محمد الوائلي المحافظ من هذا الحزب. اما بالنسبة لشقيقه إسماعيل الوائلي الذي نشر سلسله مقالات يهاجم بها مرجعيه السيد علي السستاني واتهم من خلالها والمرجعية التقليدية بالعمل لصالح المخابرات البريطانية وهاجم الخميني وإيران فهو شخص مثير للجدل وما يزال كما يبدو يحمل العداء لإيران منذ ان اعتقلته سلطاتها عندما أوفده الشهيد الصدر الثاني مع السيد جعفر محمد باقر الصدر أواخر التسعينيات ليفتح مكتبا لمرجعية الشهيد الصدر في قم فواجهته طهران بتحريض من بعض شخصيات المعارضة الشيعيه العراقية المقيمه هناك ومنعته من مزاولة اي نشاط على أراضيها وهم بالتحديد وفق ما يذكر الكاتب عادل رءوف المجلس الأعلى الذي اصدر بيانا وضعه السيد صدر الدين القبنجي شكك فيه بمرجعيه الصدر الثاني وترك انطباعا بأنه لعبه خلقها النظام في بغداد لكشف القوى الشيعية وإفراغها من قوتها ونفوا أعلميته وتأهله للمرجعية وقياده ألشيعه في العراق وهذه قضية لها ظروفها وملابساتها الموضوعية . وقد استغل البعض هذا الأمر لتوجيه الاتهام الى إيران بضلوعها في اغتيال الوائلي كما اتهموا المرجعية الدينية او إتباعها بمثل هذا الفعل الشائن الذي ليس له أي سابقه فيما غمز البعض الأخر للتيار الصدري وجيش المهدي بالتحديد بالوقوف وراء الجريمة وجميعها تكهنات لا تقوم على أي دليل دامغ بل مجرد شكوك وظنون . حين يتوقف المراقب إمام حادثه اغتيال الشهيد محمد مصبح التي تناولها البعض على طريقه شارلوك هولمز وتفوق على أجهزه الانتربول بذكائه المحير!!! نرى انه لم تتوفر لحد ألان إي معلومات يمكن الاعتماد عليها بصدد الجهة التي نفذت جريمة الاغتيال واستبعد ان تتمكن اللجان التحقيقية العراقيه التي تعرضت لصفعه امنيه قويه خلال الساعات الماضيه من تحديد هويتها ما لم يتدخل القدر ويتم إلقاء القبض ربما بعد اشهر وسنوات على الجناة بطريق الصدفة كما حدث في أكثر من مناسبة حين ألقت الاجهزه الامنيه القبض على مجموعة تقوم بعمليه سرقه او مشتبه بهم فيعترفون بقيامهم بجرائم اغتيال خطيرة. خلال زيارة السيد زيارة عدنان الاسدي وكيل وزاره الداخلية الأخيرة للبصرة أمر بسحب حمايات عدد من المسئولين السابقين ومنهم المرحوم محمد مصبح الوائلي ولكن لحد اللحظة التي استشهد فيها كان لديه عدد من إفراد حمايته الشخصية الموجودين بإمرته وهذه واحدة من الالغاز المحيرة ....كان الوائلي شديد الاعتداد بنفسه منذ فوزه بمنصب محافظ ألبصره وتأييده لعمليه صوله الفرسان التي قادها المالكي حيث ألصقت به تهمة تهريب النفط التي تحاول الأحزاب المنافسة إلصاقها به وبحزبه عبر تصوير البصرة ( كما في المقال الأخير عن الوائلي)وكأنها مقاطعة من مقاطعات الصومال الخارجة عن سلطة الحكومة والتي يتقاسمها ذوي المصالح والنفوذ ويعيدون توزيع مناطق نفوذ عصاباتهم وموانئ تهريب النفط فيها بشكل دوري وهي افتراءات قد تنطلي على الناس الذين ليس لديهم معرفه بالواقع العراقي الراهن خاصة خلال السنوات الاخيره ومن لديه ما يناقض ذلك فليقدم دليلا عليه لنعيد النظر فيما نقول. خلال فترة تولي محمد الوائلي وحزب الفضيلة شؤون الإدارة في البصرة شهدت المدينة صراعات سياسية مستمرة قادها حزبي الدعوة والمجلس الاعلى الذين كانا يريان في نفسيهما الممثل التاريخي للحركة الإسلامية الشيعية في العراق ولم يتورع الشيخ جلال الصغير عن توجيه التهم للمحافظ وحزبه عندما زار محافظة البصرة ايام عاشوراء ، ووجه الحزبان للمحافظ وحزبه تهمه تهريب النفط وغيرها وقد حدثني احد صحفي ألبصره المتابع والعارف باسرار المدينه ان حزبا سياسيا في السلطة وزع مئة دولار لكل من يحضر الى البصرة للمشاركة في مظاهرة ضد الاحتلال فلما وصلوا للبصرة وجدوا ان المظاهرة تطالب بإقالة الوائلي وان تسليم الدولارات سيتم بعد انتهاء ألمظاهره!!!! وان العشرات من سواق سيارات الاجره في البصره كانوا يتقاضون رواتب شهريه من جهه سياسيه معروفه وقويه مقابل تحدثهم مع الركاب عن عمليات تهريب النفط من قبل المحافظ والملايين التي كان يجبيها كل يوم !!! رحل محمد مصبح الوائلي الى مثواه الأخير حاملا مع اسراره وأصبح بين يدي خالقه الغفور الرحيم.... ولن يكون الأخير من بين العراقيين الذين سيتم تصفيتهم بالرصاص والسيارات المفخخة والمسدسات الكاتمة للصوت التي حصدت أرواح الآلاف من الأبرياء منذ احتلال العراق عام 2003م لكن تاريخ موته لن يكون المثبت في شهادة وفاته وهو الخميس 27 أيلول- سبتمبر 2012 بل حين اتهموه بما لم ترتكبه يداه من تهمه الحصول على المال السحت لغاية في نفس (الاخوه الأعداء) والتي من اجلها ترك صدره للرصاص وتجول في ربوع ألبصره بلا وجل او خوف ليثبت براءته وبياض يديه ا...نه القدر المحتوم ...سواء وقع عليك الموت او انتظرته في العشار يا أبا عباس |