حكاية الفلاح والخاتم

تحلق شباب الأسرة وشاباتها حول الأب الراقد على فراشه من شدة المرض. نادى الأب ابنه عبده وأعطاه خاتمًا ليقوم بتثمينه عند الخواجة جورج الصايغ المتجول، الذي يطوف بأسواق القرى.. اعرف لي ثمنه ولا تبعه. جاء الابن آخر النهار، وقال: ثلاثة جنيهات.
جميل.. أريدك أن تذهب إلى عاصمة المركز في الصباح الباكر، هناك عدد من محلات الجواهرجية، اعرض عليهم الخاتم واعرف لي كم يعرضون ثمنًا له ولا تبعه. وعاد الابن آخر النهار ليقول ما بين سبعة جنيهات وثمانية.. فقال الأب: حسنًا.. غدًا في الصباح ستسافر إلى القاهرة، وتتوجه من فورك إلى حي الصاغة في منطقة الأزهر، هناك ستجد عشرات محلات المصوغات. اعرف لي ثمن الخاتم عندهم.
كان الابن قد بدأ يشعر بالاستياء من هذه المهمات العبثية، فقال بضيق: أظن أنني سأبيعه هذه المرة لأكبر سعر.
فقال الأب: لا.. نفذ فقط ما أقوله لك. وسافر عبده إلى القاهرة، ثم تفرغ لمهمته في حي الصاغة وكان الثمن المعروض عليه ما بين تسعين ومائة جنيه. عاد إلى قريته في المساء وأبلغ والده بالسعر الذي وصل إليه وهو يتخيل أن هذه هي الخطوة النهائية في مشروع تثمين الخاتم. ولكن الأب مستمر في تكليفاته لدرجة أن الابن بدأ يشك في إصابته بنوبة خرف، خاصة عندما طلب منه أن يعود غدًا إلى القاهرة ويذهب إلى شارع عبد الخالق ثروت، ستجد هناك عددًا محدودًا من الصاغة أرِهم الخاتم، واعرف لي منهم ثمنه.
حسنًا يا والدي.. لقد أنفقت على مأمورية الخاتم هذه أضعاف ثمنه.. هل سأبيعه هذه المرة؟.. لا.. ومن فضلك نفذ ما أقول.
دهش الابن عندما عرضوا عليه مائتي جنيه ثمنًا للخاتم وهو ما أثار دهشته وفرحته وعاد إلى القرية، وأبلغ الأب بهذا السعر الجديد، فقال: لم تنتهِ مهمتك بعد.. مرة أخرى ستعود إلى القاهرة غدًا، هناك جواهرجي في شارع سليمان وهو جواهرجي الأسرة المالكة، أعتقد أنه سيعرض عليك مبلغًا كبيرًا جدًا ولكن لا تبعه.
سافر عبده إلى القاهرة للمرة الثالثة وعرض الخاتم على الجواهرجي المطلوب فقال: ثمنه ألف جنيه.
عاد الابن فرحًا ليقول النبأ العظيم، فقال الأب: هذا هو ثمنه الحقيقي.. ففقد الشاب أعصابه وصاح: لماذا لم ترسلني إلى هذا الجواهرجي من البداية؟
فقال الأب: لقد أردتك أن تتعلم ألا تذهب إلى هؤلاء الذين لا يعرفون قيمتك.
قالها ومات.