مفهوم الفقر عند ألألمان

 

غابريل مواطنة ألمانية وهي أم لثلاثة أطفال , عاطلة عن العمل منذ عام 2000 رغم أنها خبيرة في الإلكترونيات , والسبب هو مرض السمنة الذي تعاني منه فهي تزن 135كغم , دخل زوجها الشهري900 أُيْرُو‏ Euro‏ورغم حصولهم على 700 أُيْرُو‏ مساعدات من الحكومة ألألمانية ألا أنها تعتبر من الفئة الفقيرة وهذا حسب ما صنفت به غابريل من قبل خبراء اقتصاديين في ألمانيا , هناك بعض الحالات أو الظروف الاقتصادية المشابهة لقصة غابريل مع تفاوت في ألأسباب , فالحالة ألاقتصادية لها تشكل مصدر قلق للحكومة ولوزارة الشؤون ألاجتماعية ألألمانية , هذا ما نشرته مؤخراً قناة دوتشية ويلية DW)) ألألمانية ..
رغم أن ألمانيا ليست من الدول النفطية وتعتمد بالدرجة ألأساسية في اقتصادها على الصناعة والزراعة والشركات العاملة خارج الحدود , إلا أنها تعتبر من الدول الغنية بل تعتبر في المرتبة الثالثة في العالم من حيث الثراء "فأن حالة غابريل حسب مفهوم ألألمان تدخل في خانة الفقر ويجب معالجتها" ومعالجتها مرهون بالحالة الصحية لها .. ؟!
فلنرجع إلى الوراء قليلاً ونُعرف الفقر , ومن هم الفقراء ..
الفقر في اللغة هو الاحتياج ، وافتقر ضد استغنى ، وقد ورد الفقر بمعنى: الخصاص ، العدم ، العوز، وقيل إن الفقير هو المكسور فقار الظهر..
والفقير في الشرع هو المحتاج الضعيف الحال الذي لا يسأل الناس .. إما ما هي الحاجة التي تجعل الإنسان فقيراً تبين أن معنى الحاجة هو عدم القدرة في الحصول على الحاجيات الأساسية والتي تتمثل في المأكل والملبس والمسكن..
أما تعريف الفقر اصطلاحاً والذي استند إلى تعريف المنظمات الدولية "الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي" هو الحرمان الشديد من الحياة الرضية ، والفقير عندهم في الدول الفقيرة ليس هو الفقير في الدول النامية , لأن الفقر عندهم أمر نسبي , فالفقير في الدول الغنية من كان معدل دخله السنوي أقل من نصف معدل الدخل الفرد في بلده ، أما الفقير في الدول الفقيرة (ركزوا الدول الفقيرة) فهو من كان دخله اليومي أقل من دولارين .. والأشد فقراً أي الذي يعيش في فقر مدقع من كان دخله أقل من دولار واحد في اليوم..
فاطمة مواطنة عراقية (وليست صومالية) أم لسبعة أولاد زوجها معاق بسبب الحرب الطائفية التي جلبها لنا الساسة , لا يملكون دار ولا وظيفة ولا يحصلون على مساعدات من الحكومة "الغنية" أو من المنظمات الإنسانية أو الجمعيات الخيرية , وهذه حالة من ألاف بل عشرات الألوف من الحالات المأساوية , وما تعرضه القنوات الفضائيات العراقية من مشاهد لحالات الفقر والعوز هي خير شاهد على ما نقول , مشاهد تدمى لها القلوب وهي لا تمثل قلق أو انزعاج لأي جهة حكومية أو رسمية .. "أن الفقر هو العبودية بصورتها الحديثة وهذا ما قاله نلسون منديلا وهو الصادق في ذلك , والفقر بحد ذاته سلاح يستخدمه الطغاة الضعفاء لترويض الشعوب , وهناك توجه عالمي اليوم إلى تجريم الفقر والمسبب له كما جرم سابقاً من يتاجر بالرقيق ويستعبد ألإنسان" ...
السؤال هنا , تحت أي مفهوم تُصنف حالة فاطمة وبقية الحالات في هذا البلد الغني , مفهوم الفقر أم لا يوجد لها أي مفهوم في قاموس الحكومة ؟! هناك في ألمانية خبراء اقتصاديين واجتماعيين تقلقهم حالة غابريل , هنا من تقلقه حالة فاطمة , أكيد الجواب معروف .. لعمري لو كانت هذه ألإمكانيات النفطية الهائلة والموارد الاقتصادية الكبيرة في يد ألألمان ماذا كانوا ليفعلوا به ؟؟ أظن أنهم سيبنون به ناطحات سحاب فوق القمر ؟!
والسؤال ألأخير للمرشحين الجدد أصحاب الكُتل والأحجام , ماذا تحملون في جعبتكم لنا , هل تملكون العصا السحرية وهذا حسب شعاراتكم لرفع أو القضاء على حالة الفقر التي أصبحت معضلة وواحدة من بين مئات المعضلات والمشاكل ؟؟ أم أنتم اللاحقون لأولئك السابقون ؟!
يقال في السابق الكل يسمع ولا أحد يتكلم , وألان الكل يتكلم ولا أحد يسمع !!
أقول , أيها المسؤول إذا كنت تظن أن العاقبة للذي لا يسمع ما يقال , فأنت واهم , لأن الذي لا يسمع ما يقال عنه سوف يغرق في بحر ذنوبه التي بدأت بقطرة وستنتهي ببحر , عندها يكون هلاكه , وإلى ألأبد ...