فقر المائدة العراقية أبرز ملامح سوء الأحوال المعيشية



* غالبية العوائل تشكو نقص الاطعمة الضرورية على موائدها
* ما تجنيه بعض العوائل يوميا يحدد محتويات المائدة
* تحسين مستوى المواطن المعيشي يساهم في استعادة عافية مائدة العوائل

تعاني موائد غالبية المواطنين من إفتقارها للكثير من الاطعمة التي يحبون تناولها مع أفراد أسرهم ، ولكن ضعف الحال وصعوبة المعيشة تفرض عليهم أنواع محددة من الاطعمة بشكل مستمر وتكاد تتشابه في بعض الاحيان من دون تغيير عليها نتيجة أرتفاع أسعارها ، كاللحوم والدجاج وغيرها ، فيقومون بسد جوع أطفالهم ببعض الاطعمة التي أصبحت معتادة لديهم بشكل يومــي .
فهل ستبقى بعض العوائل تعتمد على بعض الانواع من الاطعمة من دون تغييرها نتيجة فقرهم ؟ ولماذا لا تقوم الجهات المعنية بتحسين الاحوال المعيشية للمواطن بحيث يستطيع شراء ما يريد عندما يشاهدها في الاسواق ؟ وكيف يمكن للعائلة التي يتكون عددها كبير والجميع في حالة بطالة أن يتناولون ما يريدون حالهم حال غيرهم ؟ .
شريحة من المواطنين تحدثت الى جريدة (( بغداد الاخبارية )) حول هذه الظاهرة .

أسعار باهضة
قال المواطن ماجد خليل إبراهيم ( كاسب ) تتناول كثير من العوائل ما يقسمه الله سبحانه وتعالى لهم من دون ضجر أو تذمر ، وأصبحت معظمها تأكل أفضل من الفترات السابقة نتيجة لرخص بعض المواد المعروضة في الاسواق ، ولكن المشكلة التي يعانوها ، أنهم أكتشفوا سر رخضها ، وهي إنتهاء صلاحياتها أو تلوثها ، فيصبحون نادمين على ما أهدر من أموال عليها ، وهو أمر لا يمكن للمواطن علاجه الا من خلال الجهات المعنية ، فهي وحدها قادرة على حل هذه المشكلة ، ليعودوا الى الاطعمة التي دأبوا على تناولها يومياً ، كونهم يعرفونها أمينة ومن صنع يديهم وليس من عملية شراء من بعض المحال والاسواق ، ظناً منهم أن الاحوال قد تغيرت وأصبحوا كغيرهم قادرون على تناول ما لذ وطاب وعندما يحاولون أن يتركوا هذه المواد منتهية الصلاحية والبحث عن غيرها ومن نفس النوعية ، يجدون أسعار باهضة جداً ، فيعزفون عن شرائها .

موائد فقيرة
أضافت خولة عبد القادر علي ( طالبة جامعية ) بقولها نحن من العوائل متوسطة الدخل ، لهذا تصبح مائدتنا فقيرة وينقصها الكثير من الاشياء الضرورية والصحية ، فالافطار كان البيض والدبس أو الجبن ، هذا في حالة أستقرار سعر البيض ، لان بيع (4) بالف تجعلنا نعزف عن شرائه ومادة الجبن نشتري بأقل الاثمان منها ، أما الغذاء فيحتوي غالباً على التمن والمرق ، طبعاً بلا لحم في أكثر الاحيان ، لان والدي لا يستطيع أن يشتري كيلو اللحم بـ( 16 ) الف دينار ، لهذا أرجو ألا يفهم باننا لا نتناوله نهائياً ، لاننا نتذوقه في المناسبات أو عند زيارة أحد الاقارب الاعزاء علينا ، أما العشاء فالظروف تجبرنا أن يكون خفيفاً معظم الاحيان ببعض المقالي والطماطة التي لا تريد أن تفرق مائدتنا والباذنجان الذي توقفنا عنه في بعض الايام ، بعد أن إرتفع سعره ووصل الى ألفين دينار للكليو ، وأحياناً تقوم والدتي نتيجة عدم كفاءة نوعية التمن المستلم ضمن مفردات الحصة بعمل كبة بانواعها ، كي تسهم ببضع التغيير من روتين تناول نفس الاكلات يومياً .

الامور المعيشية
أشار جمال داود محمد ( عامل بناء ) الى إن معظم الناس عندما يتحدثون عن هذا الامر ، يخجلون من ذكر تفاصيل ما يتناولونه من طعام ، وهو لا يجد فيه أي خجل في الموضوع ، لانه مع عائلته يشتري بعض الاطعمة من خلال ما يحصل عليه من عمله يومياً ، ولا يستطيع أن يتعداها بنوعيات ربما تكون غالية الثمن ولا يتمكن من شرائها ، وكان يتمنى أن تتحسن أموره المعيشة ليشتري لاطفاله ما يحبون من أشهى الاطعمة ولا يجعلهم يشعون بالحرمان وهم يشاهدون غيرهم عندما يأكلون ، فالبيض مع الطماطة صباحاً هو فطورهم المعتاد ، والظهر ( أفخاذ الدجاج بالمرق بانواع مع الرز ) ، أما العشاء فلا شيء محدد ، لانه يعتمد على ما يشتريه عندما يستلم أجرته من العمل ، ولكن أطفاله غالباً ما يطلبون منه ، أن يشتري لهم ، أكياس أندومي أو لحمن مثروم مستورد من أجل أن تعد والدتهم الكباب المنزلي ، والحمد لله على كل حال .

ميزانية المصرفات
أكدت هناء سالم محمود ( ربة بيت ) على إنها مع زوجها تعد ميزانية بالمصرفات اليومية لعائلتها كي تستطيع أن تصل الى بر الامان في نهاية كل شهر ، كون زوجها كاسب ، وربما تأتي أيام لا يجد أي عمل يكسب من خلالها أي مورد مالي ، فهي تقوم بارسال أبناها يومياً لشراء صمون بالف دينار وتحاول تقسيم الالف الاخر ما بين (500) للبيض و(500) للجبن ، وقد حدد لها زوجها مبلغ (6) الف دينار لتعد الغذاء وفق هذا المبلغ ، أما العشاء فمتغير دائماً وليس ثابت ، وبعض المرات تتعشى مع أفراد أسرتها رقي مع الصمون فقط ، وكانت تتخوف من أصابت أطفالها بالامراض ، لانها قد تكلف عائلتها مبالغ إضافية تسهم في عيشهم في عسرة لعدة ايام .

أطعمة روتينية
دعا صادق عبد الستار سعيد ( سائق أجرة ) من كافة الجهات المعنية بضرورة الاهتمام بالمواطن وبمعيشته ، ومحاولة تشغيل الشباب كي يساعدوا عوائلهم في مواجهة شظف العيش المرير ، وفي ظل عدم الاهتمام بهم ، فان غالبية العوائل تبقى تعيش على أطعمة روتينية غير صحية وحينها تفتقد أجسامهم الى نوعيات من الاطعمة ، فيصاب بعضهم بفقر الدم نتيجة عدم تناول اللحم والفواكه ، لانها مكلفة جداً ولا يستطيع رب الاسرة تأمين مبالغها ، لانه في حيرة من أمره في توفير المواد الاساسية من الطماطة والخيار والبطاطا والصمون والرز ولا غيرها .

هموم إضافية
شكت هند عبد العباس خالد ( موظفة ) من صعوبة العيش وسط أهوال إرتفاع الاسعار وتذبذبها بين الحين والاخر في تمشية أمور عائلتها ، فزوجها كاسب ، يوم يعمل وأيام من دون عمل ، و الاعتماد على راتبها فقط ، أمراً صعباً للغاية ، وكان خوفها من المرور في ظروف طارئة ، قد تدمر كل الاموال المخزونة لشراء بعض الاشياء الضرورية لهم ، فتصبح الامور أسوء ويكون طريق الاستدانة أقرب الحلول ، ليضاف اليها والى زوجها هموم أخرى غير المعشية ، وكيفية إطعام أبنائها كل يوم .

خلاصة الكلام
الفقر ، لايتحدد بالغذاء فقط ، وإنما يتحدد في الحاجات الاساسية وغير الاساسية للمواطن ويتناسب مع الصحة والتعليم والسكن والبيئة والتسلية والترفيه له ، لذلك فان فشل السياسات التنموية في تحسين وضعه المعيشي والاهتمام بغيرها من الامور ، على أساس إن لها أولويات ، كان يفوق بكثير ما كان مخصصاً لاغراض رفع المستوى المعيشي للافراد ، فتأثرت كثير من شرائح المجتمع الفقيرة ، وكان إهتمامهم منصباً على إطعام أفراد أسرهم فقط ، من دون التفكير بأي شيء غيره وبما يحصلون عليه من مردودات مالية من عملهم .