ولائم الفساد وقشور النزاهة ..!!

أن تُستَحدث جهة رقابية لحماية المال العام في البلدان التي تخلصت من الدكتاتورية وسَعت لاعتماد الديمقراطية منهجاً لاعادة البناء هو الصواب بعينه، والعراق بدء على هذا الخط قبل أن يتحول الى استثناء، ليس في قرارتشكيل(هيئة النزاهة)انما في نتائج الأداء العام لأحزاب السلطة التي ارتقت سدة الحكم بعد سقوط الدكتاتورية،وفي اتفاقات تشكيل هذه الهيئة وأساليب عملها، وصولاً الى النتائج المرجوة منها!.
اذا كان تشكيل هيئة النزاهة وفروعها في العراق يفترض أستقلالها، فأن ذلك لم يتحقق الى الآن،بالرغم من الادعاءات والتصريحات المدعية ذلك، ومازالت تأثيرات فقدانه ماثلة للعيان، من خلال قراءة متفحصة لتقاريرها السنوية الموجودة على موقعها الالكتروني، واحدثها تقريرها الانجازي للعام 2014 الصادر في الماضي،الذي سنعتمد بعضاً من أرقامه لاستخلاص النتائج والدلالات !.
بعيداً عن الشعارات الرنانة التي تُصاغ بها الأخبارالمنشورة على موقع الهيئة،نختار عناوين ثابته في الموقع نعتقد أنها تردعلى هذه الشعارات، ومنها صفحة أعداد المحكومين الذين صدرت بحقهم (أحكام قطعية) منذ عام 2004 ولغاية صدور التقرير،فقد كان العدد (1799)، وعلى اساسه يُفترض أن يحرز العراق المرتبة الأولى بالنزاهة على مستوى العالم!!.
وكذلك نُوردُ أرقاماً من موقع الهيئة،وتحديداً من تقريرها (الانجازي) بخصوص أعداد المشمولين بـ(العفو)من المجرمين المتجاوزين على المال العام والارقام التي ثبتتها الهيئة من المال المسروق والمال الذي أسترجعته، ليكون مثالاً على مانقول وفق المبدء المتعارف عليه( من فمك أدينك!)، وهنا يكومن موقعك الالكتروني يُدينك الشعب العراقي!.
في تقرير الهيئة المشار اليه أعلاه فقرة بعنوان(جدول بأعداد المتهمين المشمولين بقانون العفو العام، وأقيام الفساد منذ صدور القانون)، تتضمن عدد المشمولين بقانون العفو(6407)وقيمة الفساد في الدعاوى المرفوعة ضدهم(330489886649)ديناراً عراقياً ، يعني بقراءة الاختصار وتصريف العملة يتجاوز الرقم الـ(300) مليار دولار أمريكي، أي مايربو على نصف ثروة الشعب من تصدير النفط خلال السنوات العشرة التي أعقبت سقوط الدكتاتورية وصعود أحزاب السلطة الى سدة الحكم بعدها،أي أن العفو عن سُراق المال العام كان اكبر جريمة بحق الشعب العراقي،لكن الجريمة التي تفوقها معنوياً هي تثبيتها في التقرير الانجازي لهيئة النزاهة !!.
على ذلك وغيره الكثير،لايحق لهيئة(النزاهة)أن تفرد عضلاتها الاعلامية لتتبجح بنزاهتها ودورها في ملاحقة الفاسدين، ليس فقط لأنها واحدة من حلقات نظام المحاصصة الطائفية الذي دمر البلاد،أنما لأنها محكومة أصلاً به وتعمل وفق أهواء مؤسسيها والمشرفين عليها وموجهيها ومن أختاروا بالتوافق أعضائها القادة وموظفيها،لذلك هي كانت وستبقى جزء من منظومة ادارة سياسيةعاجزةعن مواجهة الفساد،لأنها جزء منه ومساهمة فيه بقوة، حتى لو انتظم فيها أفراد وطنيون ومخلصون،لأن نتائج عملهم الجمعي لم يرتقي الى دورها المطلوب في مكافحة الفساد،ومازالت برامجها تستهدف قشورالفساد وليس ولائمه الباذخةالتي يتصدر مجالسها الاقوياءعلى القانون اليوم،والمطلوبون له غداً، حين يستعيد الشعب سلطته وتعمل المؤسسات بشفافية لتحقيق مضامين عناوينها .