محاولات اغتيال العبادي بين الحقيقة والوهم |
ضمن الاجواء الملبدة بالفوضى في المسار السياسي , والدخان الاسود الكثيف المتصاعد من بؤر القوى السياسية , المتناحرة والمتصارعة والمتنافسة والمتعاركة على ابتلاع السلطة والنفوذ والمال , وضمن هذه البلبلة الخلاقة , تضيع الحدود الفاصلة بين الدخان الابيض والدخان الاسود , وتضيع الحقيقة والصدق بين الشك واليقين , ويلعب الدس والتضليل في طمس الوقائع الظاهرة والمخفية , في غبار من الشكوك والاضطراب والارتباك , حين تداس بالاقدام القيم والمبادئ والاخلاق , وتدخل في النعرات الانانية والمصالح الشخصية , من اجل الاستحواذ الشرس على الغنيمة والفرهود , لذلك تزداد وتتصاعد الغيوم الكثيفة التي تأخذ بالعملية السياسية عن طريقها المرسوم وتحرفها الى الطريق المجهول , وتصاعدت وتيرة هذا المناخ المضطرب , بعد انتخاب السيد العبادي الى منصب رئيس الوزراء , باسقاط الولاية الثالثة , لذلك تصاعدت حمى الصراع الساخن , بين العبادي واصحاب الولاية الثالثة , الذين فقدوا صوابهم وبصرهم وبصيرتهم , ووقفوا بقوة وبعناد في اصراهم الاهوج بالدفاع عن الولاية الثالثة , وحاولوا بكل الطرق والوسائل في افشال هذا التغيير , بما فيها القيام بمحاولة اغتيال العبادي في المنطقة الخضراء , من قبل ضباط يدينون بالولاء المطلق الى المالكي , لكن محاولتهم فشلت واخفقت بتدخل القوة العسكرية الامريكية , ولم يعترفوا بالواقع والظروف التي حتمت الى اختيار العبادي , واستمروا في محاولات العرقلة , وحبك المؤامرات والدسائس , في سبيل اجبار العبادي على التنازل , والعمل على افشاله بكل الطرق , رغم العراق يخوض معارك طاحنة مع تنظيم داعش المجرم , ورغم العراق يتكبد خسائر فادحة بسقوط يومياً عدد من الشهداء الابرار دفاعاً عن الوطن , رغم دموية الارهاب الوحشي بالتفجيرات الدموية التي تحصد عشرات الابرياء يومياً , ورغم ان العراق محتل اكثر من ثلث اراضيه من قبل تنظيم داعش الارهابي , لكن المتضررين من اصحاب الولاية الثالثة , لم يعترفوا بهذا الخراب والواقع , لانهم يريدون الولاية الثالثة حتى لوكان العراق بدون بشر وانهار من الدماء تفسك وتجري , هذه النعرات الانانية بالاطماع الشخصية , تخلق اجواء مضطربة وخطيرة وتزيد من وتيرة الخراب والارهاب الدموي , وزادت الامور اكثر تعقيداً وخطورة , بعد التظاهرات الشعبية المطالبة بالاصلاحات وضرب بقوة الفساد والفاسدين , وتعود نغمة الحديث عن محاولات اغتيال العبادي من جديد , نقلاً عن مسؤول عراقي رفيع , بان السفارة الامريكية , ابلغت رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي , عن احباط محاولتين لاغتياله , احدهما في مراحل متقدمة من التنفيذ . وهنا يتبادر الى الذهن , من يهدد العبادي بالاغتيال ؟ وهل اصبح العبادي حقاً بعبع , يهدد بضرب مصالح الفساد والفاسدين ؟ وماهي الاصلاحات التي باتت تهدد مصالح الفساد والفاسدين ؟ ونعرف بان الفساد والفاسدين مازالوا في ربيعهم الذهبي , وهم يتمتعون بكل حرية , وبكافة صلاحياتهم وامتيازاتهم , وحصنهم المنيع باللغف والشفط بالمال الحرام يعمل باقصى طاقته , ولم تتأثر مصالحهم ومواقعهم قيد انملة , ومازال النهب والاختلاس والاحتيال في اعلى وتيرة , واين هي الاصلاحات التي وعد بها العبادي , وخرجت من الورق الى الواقع الفعلي بالتنفيذ ؟ لاشيء وانما جعجعة في فنجان , او عواصف هوائية تصدح باصواتها العالية في المرافق الصحية , اذ لم يتجاسر العبادي لحد الآن , لم يبادر الى ايفاء بوعوده الاصلاحية , مازال بين المراوحة والتأجيل والتردد بالخوف والقلق , مما سمح للفساد والفاسدين ان يرفعوا رؤوسهم , ويبادروا بالهجوم الشرس والضاري في اجهاض الحراك الشعبي والمظاهرات الاحتجاجية , وملاحقة نشطاء الحراك المدني , بالتهديد بالقتل والخطف , وكل يوم نسمع عن اختطاف واختفاء نشطاء من الحراك المدني , على مرأى من الاجهزة الامنية , التي اتخذت دور المتفرج فقط . ومازالت غابة الفساد تعجع بالذئاب والخنازير الوحشية , في استغلال الخوف الذي اصاب العبادي واصابه بالشلل والكساحة , رغم تصريحاته النارية التي نسمعها بين الفينة والاخرى , دون ان يبادر بأخذ زمام المبادرة بالشجاعة والجرأة في تنفيذ وعوده الاصلاحية , ومهما قال وتحدث عن محاولات اغتياله تبقى بين الشك واليقين , او سلاح الضعفاء , من يصدق تصريحه الناري ( نتوقع انقلاب ناس قريبين مني , لكننا سنكسب العدالة لهذه الاصلاحات ) ومشدداً بأنه ( لن يتراجع عن الاصلاحات حتى لو كلفت حياتي ) متى يبادر ؟ , أم انه ينتظر طعنة ( بروتس ) الاخيرة ؟ او قد تكون اوهام كابوس الخوف , او ان هناك شيئاً يجري في الخفاء , ولم يتجاسر ويعلنه ويكشفه الى الشعب |