العراق تايمز: كتب الدكتور وائل جاسم الشهابي..
قال الشاعر لا يكن ظنك الا سيئآ .. أن سوء الظن من أقوى الفطن ما رمى الإنسان في مخمصة .. غير حس الظن والقول الحسن
رغم اختلافي بشكل كبير مع اغلب ما يحويه هذان البيتان من معان واوصاف إلا أن ما دعاني الى ذكرهما هو معنى ينطبق على ما اريد ذكره في هذا المقال وهو " سوء الظن من اقوى الفطن " حيث أن هذا المعنى أراه متحققآ بدرجة كبيرة عندما نتكلم عن فاجعة كبيرة اودت بحياة أكثر من 760 حاجآ وحاجة في مشعر منى الطاهر في أثناء الطريق الى رمي جمرة العقبة الكبرى صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك لهذا العام 1437هج حيث أن هذا الفاجعة على عظمها وكثرة القتلى فيها وتكرار العديد من تلك الحوادث واضرابها في السنوات السابقة ومجموع المضايقات التي يتعرض لها حجاج بيت الله الحرام خلال مراسم الحج من شرطة المملكة السعودية والذين يتصرفون كأنهم ملاك للكعبة ومفاتيحها وهؤلاء القادمون من كل حدب وصوب ما هم الا محتلون وغرباء غير مرحب بهم اقول ان هذه الحادثة تفتح الباب امامنا للحديث عن مسلسل التجاوزات على الحجيج في ديار كان من المفترض ان تكون (( حرمآ أمنآ )) تبتديء رحلة الاهانة والمذلة لهم من اول تسجيلهم لرحلة الحج حيث تفترض مملكة آل سعود شروطآ على الحجيج هي اقرب ما تكون الى المنع حيث تفترض نسبآ واعدادآ محدده للحجيج لا ينبغي تجاوزه ! كأنهم يقولوا لله تعالى نحن نحدد من يحج لبيتك لا أنت ونحن نمنع من نريد لا أنت .
وبعد أن يحظى اصحاب الحظ السعيد بفرصة القبول والرضى والنجاح في قرعة الاختيار تأتي مرحلة التمحيص والتدقيق من سلطات آل سعود للحجيج في مطاراتهم ومعابرهم كأنهم اولياء لله على خلقه او كأنهم منزلين من السماء لتحديد اصحاب الجنة من اصحاب النار فيبدأون بتفتيش حقائب الحجاج ليخلصوها من كل ما من شأنه ( ان يكون بدعة ! ) من مسبحة او سجادة او كتاب دعاء او غيره ! وكانهم لا يعلمون بأن تلك الأمور علاقة للعبد بربه لا دخل لأحد فيها (وما ارسلناك عليهم وكيلا -الأسراء 54 ) ولكنهم بحكم الولاية الملكية الوهابية التي اعطيت لهم من سفيه الأسلام أبن تيمية الحراني يتدخلون حتى في ما يفكر به الإنسان وما يتصرفه مع ربه ! .
وبعد أن يسلم متاع الحجيج من بلطجية آل سعود يأتي دور تدقيق الجوازات وسيل الأهانات التي توجه للحجيج من كلام او ضرب بعض الأحيان وخصوصآ لو عرف الشرطي الملكي السعودي أن الحاج هو شيعي او رجل دين شيعي فأنه يتحول الى ذئب كاسر في اللفظ والعمل ويتحول الى محقق مذهبي يسأل عن بدع زيارة القبور و السجود على التربة حسب قوله على امل أن يرد عليه الحاج او يجادله لتحل الطامة الكبرى حيث يقتاد بعنف وضرب واهانات الى اقرب نقطة بوليس ليختفي الى امد لا يعلمه الا آل سعود ولربما يتهم بالكفر البواح ! او الشرك الاعظم ! ويعدم فداءا لأهواء أصحاب الدشاديش القصيرة واللحى المنفوشة .
وتستمر في كل نقطة من رحلة الحج التي تستمر لأسابيع الاهانات والضرب للحجيج فمن يحاول ان يقبل قبر النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم يضرب بشدة ومن يعلوا الصوت بقراءة القرآن يضرب ويقال له - بدعة اتركها - ومن يمر من امام احدهم وهو يصلي يدفعه المصلي وبشدة حته يسقطه ومن يدعوا بدعاء او يزور بزيارة يقال له - لا تشرك - الى آخره من المصائب الوهابو-سعودية التي لا يتحملها أي عاقل ولولا وجوب الحج لما حج أحد الى بلاد الحرمين ولبقت السعودية بلادآ لا يزورها الأ مجنون ولا يحل بها ألا من سفه نفسه .
بهذه المراجعة السريعة لكيفية تعامل سلطات آل سعود للحجيج نكون امام سؤال مهم وهو : لماذا يقوم آل سعود بهذه الممارسات عن طريق زمرة الوهابية تجاه الحجاج ؟ أليس من المفترض ان موسم الحج للسعودية هو موسم وافر بالمصالح المالية والاقتصادية والسياسية ؟ الا يوفر الحج غطاءا سياسيا يمكن ان تبين به المملكة وجهآ آخر غير الوجه القبيح الذي عرفت به أقليميآ في سوريا والعراق واليمن ؟
كل هذه الأسئلة وغيرها تصبح واضحة الإجابة أذا ما رجعنا الى تأريخ تلك المملكة وتأريخ مؤسسها وكذلك تأريخ محمد عبدالوهاب الأب الروحي الثاني للسلفية بعد أبن تيميه حيث يطالعنا التأريخ بكلمة موثقة لمؤسس المملكة يبين فيها أنه يتعاطف ويتحالف مع اعدى اعداء الأسلام وهم اليهود ويساند قيام دولتهم الصهيونية حيث تشير صحيفة الثبات المستقلة والتي نشرت الخبر والوثيقة التي هي عبارة عن رسالة جوابية ارسلها الملك سعود الاب المؤسس للملكة الى السير برسي كوكس وجاء فيها ما نصه (( بسم الله الرحمن الرحيم.. أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل الفيصل آل سعود، أقرّ وأعترف ألف مرة، لسير برسي كوكس؛ مندوب بريطانيا العظمى، لا مانع عندي من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم، كما تراه بريطانيا، التي لا أخرج عن رأيها، حتى تصيح الساعة )) وبهذا يؤكد آل سعود بأنهم سائرون على خطى الآباء في الولاء المطلق لبريطانيا والصهيونية خدمة لمن ولاهم وأمرهم على المسلمين وتحقيقآ لأجندات الصهاينة في محو الاسلام والابقاء على اسمه فقط .
ويتبدد الشك اكثر عندما نطالع كتاب مذكرات همفر للجاسوس البريطاني اني في البلاد الإسلامية حيث يذكر في جملة ما امره به وزير المستعمرات البريطاني في الصفحة 81 من مذكراته ان يطلبها من محمد بن عبدالوهاب ان ينفذها هي النقطة 2 والتي تنص على ( هدم الكعبة بأسم انها آثار وثنية إن أمكن ومنع الناس عن الحج وأغراء القبائل بسلب الحجيج وقتلهم ) وهنا نجد جوابآ وافيآ لسؤالنا في مقدمة المقال حول تدافع منى وجملة المصائب التي تتوالى على الحجيج في كل عام فما يحدث ليس حوادث عرضية او مجرد هفوات ادارية تنظيمية فأن السيطرة على 17 او 20 مليون زائر الى كربلاء المقدسة هو أصعب وأعقد من السيطرة على مليون و700 الف حاج فقط ! وفي ظروف امنية وسياسية معقدة مثل الوضع العراقي والأرهاب وجرائمة وقلة العدد والعدة والاموال لاسناد مثل تلك الزيارات المليونية وكذلك مع طريق المسير لمئات الكولمترات عبر طرق تعادل ألالاف الاميال تحميها ارادة المخلصين وعين الله تعالى ورغم ذلك لم تشهد الزيارات الى كربلاء حوادث بسبب سوء التنظيم تؤدي لمقتل عشرة فضلآ عن اكثر من ذلك .
اننا عندما ننظر لتكرر تلك الاحداث وضخامة عدد القتلى ونربطهما بالبعد التأريخي والنهج العدائي الواضح للسلطة السعودية بتواطيء ومعاونة واسناد السلطة السلفية الوهابية نصل الى قناعة أن ما حصل في منى هو جزء صغير من مخطط كبير رسمه الصهاينة والماسونية العالمية وينفذه بخبث وخسة ألنظام الوهابو-سعودي للقضاء على كل رابط ممكن ان يوحد المسلمين وهم يعلمون ان وجود الكعبة المشرفة كرمز لتلك الوحدة التي يخططون لتحطيمها خصوصآ بعد أن افرخت افكارهم التكفيرية قنابل انفجرت في جسد المسلمين كداعش والنصرة والقاعدة وبناتها واللواتي ما كن لينمين او يتربين لولا الدعم المالي من مملكة آل سعود والدعم الفكري لو صح التعبير من الفكر الوهابي السلفي التكفيري والذي كان غذاءآ لتلك التنظيمات لتذبح المسلم بأسم الإسلام وتقتل المسيحي والصابئي بأسم الاسلام وتحرق الحسينيات والكنائس بأسم الأسلام وتشوه سمعة الأسلام في اذهان معتنقيه فضلآ عن غيرهم وتؤسس لمنظومة فكرية جديدة قوامها (( حكم عميل يسنده فكر تكفيري )) .
يجب على المسلمين جميعآ ان يستفيقوا من غفلتهم ويحموا دينهم وكعبتهم رمز قوتهم ووحدتهم ولا ينساقوا وراء دعوات الحرب الطائفية التي اوقد لها عدونا المشترك ومولها حكام ال سعود والذين لن يتركوا المسلمين يهنأون فهم بعد حربهم ضد الروافض كما يزعمون سينصرفون لضرب الأشاعرة والماتردية وكل طوائف المسلمين الأخرى وحجتهم بذلك انهم مبتدعة واهل زندقة كما يعبرون في كتبهم فالوعي الوعي الحذر الحذر والله من وراء القصد
|