شرف ما بين النهرين وشرف ما بين الفخذين




أعتذر بداية للقارئ عن العنوان أعلاه. لقد حرصت أن أختار عناوين مقالاتي بعيدا عن الإثارة وبعيدا عن المفردات التي قد تحرجني مع القارئ الكريم, وأيضا أن لا أنقل فحاوى ردود, قد تكون لها مضامين شخصية, لأجعلها مقروءة على صفحات الحوار العام وذلك لغرض أن ينصرف القارئ إلى مواضيع ذات فائدة أهم. 
لكني وجدت أن قاعدة كهذه لا تنطبق على رد السيد آل يسار الطائي, ليس من واقع الشتائم الشخصية التي إحتواها, وإنما لأني وجدته يحمل مفاهيم ناقصة ومشوهة عن معنى الشرف الحقيقي وإلى الحد الذي يجعلني أقول أن السيد آل يسار هو أبعد ما يكون عن الأفكار والمفاهيم التقدمية التي يفترض أن تكون لها صلة بإسمه. 
إن رده على مقالتي السابقة (عن الحشد الشعبي .. حذارِ من التعويم والتعميم ومطلقات التقييم) وردي عليه يكشفان عن فارق رؤيتنا لمعنى الشرف, وأنا أنقلهما هنا نصا, وهذا هو رده أولا :
(لااعرف علام بنيت هذه الرؤيا والتي لاتحتكم لادنى مقومات المقال الرصين ..من تسميها ميليشيات هي خط دفاعي حماك وحمى عرضك ولااظنك اهلا لتقاتل دون وطنا الا بقلم كسيح يستغفل السذج ممن يدعون اليسارية وهي منهم براء...ساقول لك ان لاحزبا نضاليا لايمتلك خطا عسكريا في بلدان العالم اللادستورية واللاديمقراطية وعلى الرغم من اليسار ذهب بعيدا جدا جدا في التميع والذوبان بالمقاهي التهويشية والتشويهية ولا ارى يسارا محترما الان اطلاقا بعد ان ذهب الخيرة على اعواد المشانق او في ساحات النضال وحين يرى الناس ميوعتك وامثالك من اهل الثرثرة فيقينا للزوم الحاجة يذهب لمن يقف بوجه البغاة المسلحين بالجرم ولكنهم نسوا المسلحين بالميوعة والخبث من اشباه المثقفين ولا مثقفين كشخصك يا مظفر كنت اتمنى عليك ان تذكر البيشمؤركة لو كنت بشيء من نبل يحفظ ولو نصف قطرة مما تبقى من ماء وجهك الكالح) .. إنتهى الرد المؤدب جدا جدا واليساري جدا.
وهذا هو ردي عليه: 
لا أعتقد يا سيد آل يسار أن الميليشيات قامت بحمايتي ولا حتى بحمايتك لأن الوضع في العراق وصل إلى ما فوق الفاجعة, بسببها وبسسب داعش, فالإحصائيات العالمية تقول أن العراق بفضل من تلك الميليشيات وأخواتها وبفضل ما يسمى بالعملية السياسية هو الآن أكثر بلدان العالم خطورة. ولا اريد ان أتوقف, ولو ببعض تفصيل, أمام العديد من المشاهد المفزعة التي كان من بعض نتائجها مئات الألوف من القتلى وثلاثة ملايين مهجر مع مئات الألوف من المهاجرين خارج العراق بحثا عن لقمة العيش والأمان, فإن كنت تعتقد أن لهذه المشاهد صلة بالأمن فإني اقترح عليك أن تراجع أحد أمرين : معنى الأمن أو معنى العقل الذي تفكر فيه.
أما العرض الذي تتحدث عنه أو الشرف الذي تتباهى به وأنت تذكرني بفضل الميليشيات وأحزابها في حمايته فأظنك فاهم غلط من واقع قصورك في التعريف, فالعرض والشرف في مفهومي هو ليس ذلك المحصور بين الفخذين, وإنما يتعداه, حتى في الأسبقية, شرف الوطن الذي ذبحته الميليشيات العميلة حينما حولت العراق إلى بلد ضعيف ثلث أراضيه محتلة من داعش بسبب سياسة الأخرق الطائفي المالكي, أما البقية منه فتدار سياسته من طهران. فهل تسمي البلد الفاقد لسيادته شريفا ومحفوظ العرض, وهل تسمي مشهد العامري زعيم ميليشيا بدر حاميا للشرف وجديرا بحماية العرض العراقي وهو يفتخر بأنه ليس اكثر من عميل يتلقى أوامره من دولة الفقيه ونراه يقبل بدون خجل يد سيده خامنئي.
ثم اين هو الشرف الذي تصونه هذه الميليشيات وأحزابها وهي التي لم تحافظ على الأمانة فسرقت من أهل العراق اموالهم وثرواتهم وحولتهم إلى شعب فقير جائع مشرد. عن أي عرض تتحدث وهل يقتصر هذا العرض في رأيك على ذلك الخاص بأهل الجنوب والوسط أما بقية أهل العراق فظنك أن لا شرف لهم, وقد رأينا كيف سُبيت آلاف الإيزيديات والمسيحيات بعد أن تم أسرهن وبيعهن من قبل داعش وذلك بفضل مختار العصر وسياسته الرعناء التي سلمت نينوى لداعش دون قتال.
عن أي شرف تتحدث يا سيد, وهل هو الشرف العسكري الذي اهدرته الميليشيات حينما نصبت نفسها بديلا لجيش وطني بإمكانه أن يحمي الأرض والعرض والسيادة والكرامة.
ولماذا يا ترى تريدني أن اشمل (البشمركة) بحديثي عن الميليشيات . هؤلاء ليسوا ميليشيا بل هم جيش لدولة كونفدرالية لم أمنحها أنا شبه إستقلالها عن العراق بل منحها أصحابك الميليشياويين بعد ان سهلوا أمر إحتلال العراق.
سؤال أخير عن العرض : الأحزاب التي سهلت أمر الإحتلال ثم أغرقت في تدمير العراق, هل تراها قادرة على حماية العرض العراقي ؟ وهل أن بإمكان فاقد الشيء أن يعطيه يا صاحب الشرف الرفيع .. !!!