زهرة من عالم الغموض |
في حديقتي الصغيرة تتباهي الزهور، وببينهم هي الاجمل و الأعبق عطرا، ندى يبلل الوجوه ولون يتوسط البياض والسواد وكأن السماء تميل بلونها قليلا وتتجه نحو شعر حكيم حسير الراس ، نسمة باردة تحيي انفي وتلقي تعويذة سحر، وتظل هي المدللة بين الزهور ، شكل بري غريب لم اعهده من قبل ، حمراء يوشحها السواد ، انظر اليها كل يوم واعيش في سحرها من بعيد ، اكتفي برمي نظراتي من وراء السحاب ، تتجاذب مع كلماتها الصامتة في حيز نفسي وخيالي ارقاما و حروفا ونقط ، ومن لغة التجاذب والاحترام تبقي زهرتي المدللة شامخة بين الزهور .... "لا تفعل....لا تفعل.....!" نظرت لزهور حديقتي ، وكأني اراها لأول مرة ، تقدمت نحو مدللتي الحمراء بتوق وحذر ، مسحتها ، مسكتها من رقبتها الرقيقة ، قطفتها ، شممتها وغاب كل شيء....وحتى صوت المطر الغاضب الرقيق....وترحل الغيوم هاربة من المشهد مهرولة نحو الجنوب وهي تلوح بيدها مودعة وصوتها الراعد المبتعد ينبأ بصحو وشيك وتستعيد السماء زرقتها الاسيرة......وتهب نسمات رفيعة رشيقة من جهة الشمال تغسل الوجوه ببرد لذيذ يجعل الجلد يزحف قليلا ......في هذا احسست بحرارة شديدة تجتاح جسدي وعرق شديد يغمر كل اوعيتي ، هادنني وعيي تماما وانا اتلفت حولي تائها كالمخبول، لا ادرك ما يحدث .... قلت بصوت مسموع: "اين انا .... اين انا...!؟" كل شيء غريب حولي ، عالم مجهول منقوع بالدخان لم االفه من قبل...اثثه الله بقطع غريبة من تلال وجبال واشجار لا مألوف فيها ولم تطأ اقدام نواظري شبرا منها من قبل حتى في الاحلام ، قرصت نفسي مرارا لكي اتأكد اني حاضر ، وفشلت ، حي فعلا ام ميت ، حالم ام مستيقظ.....؟ ذابت نفسي في نفسي وطفت فوق بحار الاشياء ، اختلطت الاسئلة بالأجوبة ، انحسر واقعي في حلمي تماما وهو يبحث عن آثار واختلطت الاشياء في مخيلتي ، افكار صلبة مختومة باقفال فولاذية تشير باصبعها لارض غريبة تفوح منها روائح الاختراق واصوات النار وصراخ المجهول والغموض المطبق ، استخدمت الاف المفاتيح لم يألفها احد....ترنحت اعضائي تعبا....سحبت كل المسافات وتبعثرت كل الآمال ، ضاع الامل في مفتاح يفتح بابا من ابواب جنتها.....صوت رن بأذني: قطفتها....! ارعبني الصوت القادم من ارض الغرابة ، اتلفت في كل الانحاء ، لم اجد مخلوقا يتحرك عدت لنفسي وجلست القرفصاء وافحص ذاك الهم المخبوء في عقلي: "هل شممتها...!؟" : قلت: عاد الصوت من جديد يرعد في اذني : "تبقى مسجونا في ميسنها دهرا حتى تذبل...!" غلبني النوم ونمت عميقا ولا ازال نائما ولا ادري هل عدت......... !؟
|