سفرة إلى متنزه الزوراء |
بعد الطلبات الكثيرة والالحاح الشديد من عائلتي للذهاب الى متنزه الزوراء …ومع عدم رغبتي للذهاب الى هذا المكان الا انني استسلمت لرغبتهم بغية التخفيف من الضغط النفسي التي نعيشه نحن افراد هذه الاسرة بسبب قلة الخروج والترويح عن انفسنا لعدم ملاءمة ما وصل اليه البعض من ابناء مجتمعنا من تدني السلوك وسوء الخلق ..قياسا بالاخلاق والتربية التي تحلى ويتحلى بها افراد العائلة البغدادية الاصيلة ..التي كانت معنى للشهامة والرجولة والغيرة تجاه ابناء جلدتهم وفي اي مكان يكونون فيه ..
ووقع الاختيار على ان يكون يوم الجمعة يوم لهذه السفرة …التي ابتدأت بالوقوف بطابور طويل من السيارات لغرض اجراء عملية التفتيش لكل سيارة قبل السماح لها بالدخول الى اروقة وساحات وحدائق هذا المتنزه الجميل الذي يعد من اكبر المتنزهات في بغداد.
اكثر من نصف ساعة من الانتظار حتى وصلنا الى نقطة التفتيش التي تتخذ من البوابة الرئيسية للمتنزه موقعا لها ….طلب مني ومن عائلتي الترجل من السيارة لاغراض تفتيش السيارة والتفتيش الجسدي للرجال …وهكذا فان للنساء حصة للتفتيش في مكان قريبا جدا من نقطة الدخول وبعد ان تمت مراسيم التفتيش ..عدنا الى السيارة ودخلنا الى احدى ساحات وقوف السيارات …ولم استطع كتم اعصابي الثائرة بعد ان اصبحت كالبركان الهائج ..والتفت الى افراد عائلتي معنفا اياهم على هذه السفرة …التي تشبه باجراءات تفتيشها ودخولها …الاجراءات التي يتم تنفيذها خلال مغادرتك العراق عبر المنافذ البرية باستثناء تأشير جواز السفر ..؟؟؟؟
في احد بقاع البسط الخضر المزينة بالورود الرائعة من هذا المتنزه كان موقع جلوسنا …حيث كانت ام اولادي قد اعدت لنا انواع من الاكلات طعاما للغداء مع ترمز الشاي الذي اشرف وقت تناوله .. …وقررنا ان يكون تجوالنا في المتنزه والذهاب الى الالعاب بعد تناول طعام الغداء.. ومع قولي بسم الله لبداية تناول الطعام ..مر من جانبنا مجموعة من الشباب وليسوا من الشباب ..يحملون بايديهم الدفوف كاننا في احدى معارك الجاهلية مع اختلاف الايقاع …البعض منهم يرتدي ((نعال ابو الاصبع))معذرة سيدي القارىء ….ومعظمهم قد وضع على شعره ربع كيلو من الجل ..مع تسريحة شعر تثير الاشمئزاز …وهم يصدحون بأغاني كلاماتها لا يليق سماعها من قبل العوائل المحترمة …وللاسف فمن حسن ((اخلاقهم وتربيتهم المميزة)) انهم غير مكترثين من وجود السيدات بين العوائل ولم يفكر احدهم بأن كلمات الاغاني قد تجرح شعورهن او تسبب الاحراج لهن …على اي حال ففاقد الشيء لا يعطيه.. لم نعرف لذة لطعام الغداء فالكل تناول الطعام متوترا …خوفا ان اعنفهم مرة اخرى بسبب شذاذ الافاق وقليلي التربية التي تمتلئ بهم حدائق هذا المتنزه امام اعين رجال الشرطة … ومن المؤسف حقا ان ترى مثل هؤلاء وغيرهم يلاحقون البنات ..مضايقات وكلمات ..تجعلك لا تستطيع ترك افراد عائلتك لوحدهم حتى وان ارادوا التمتع بالالعاب الحديثة الكثيرة …التي تجاوز اسعار الدخول اليها اضعاف اضعاف ما كانت عليه قديما …ويعتصر قلبك عندما ترى اطفال بعض العوائل محدودة الدخل ليس لديهم القدرة على دفع مبلغ التمتع بهذه الالعاب …يا امانة بغداد…؟؟؟؟
صراخ ومطاردة هنا وهناك تجمعات ..سب وشتائم ..تدخل رجال الشرطة ..كل ذلك بسبب تحرش هؤلاء الشاذين بنساء وفتيات العوائل لم يعد للاخلاق مكان في هذا المكان وغيره …لقد اصبح من يملك الثروات والمال هم الجهلة واللصوص وعديمو التربية والاخلاق واقولها باعلى صوتي وبقوة للعوائل البغدادية المحترمة تجنب الذهاب الى هذا المتنزه …حتى تتخذ الجهات الامنية كل الوسائل وبقوة لمنع هؤلاء الشواذ بالعبث براحة المواطنيين ..ثم تخرج على وسائل الاعلام لتعلن عن سيطرتها الكاملة على كل مرافق المتنزه فلم يعد للعوائل البغدادية الترفيه عن نفسها سوى هذا المكان الجميل الذي يعبث به رود المجتمع العراقي …
حملت عائلتي على الخروج والعودة الى البيت …..اين اذهب بهم لا اعلم ..فاخوتنا في حكومة الاقليم يرفضون دخولنا الا بكفيل …ومتنزهات بغداد يعبث بها القرود …..والسفر خارج العراق يتطلب مبالغ كبيرة خصوصا مع العائلة …وعندما نتكلم وننتقد ونؤشر على مفاصل الفساد وسوء ادارة البلد يخرج علينا بعض المنتفعين بالتهديد والوعيد …..ايها السادة يا من لم تعرفوا حقيقتنا نحن ابناء العراق الاصلاء …..اقول …اننا نريد ان نبني بلدا متحضرا يسوده القانون والعدل والحق ..والحرية ..الحرية بمفهومها الصحيح الذي لايؤثر على مشاعر الاخرين وحريتهم …ونريد ان ننشأ مجتمعا يتحلى بالاخلاق الرفيعة التي غابت ..واندثرت مع الاقدام القذرة للمحتل الامريكي ومن جاء معهم …ان تسود العدالة بين افراد المجتمع …هذا كل ما نريده ..فلماذا تغتاضون منا …أفي طلباتنا هذه مابه أساءه لكم نريد ان يخرج ابناؤنا وأبنائكم لجامعاتهم ومدارسهم بأمن وأمان ..نريد ان ننام في بيوتنا امنين مطمأنين ..نريد ان تخلو شوارعنا من مظاهر السلاح والعسكر ….ايها السادة انظروا حولكم ..اين وصل العالم ..احيوا في انفسكم الغيرة والحمية ..فلا فرق بين من يأكل اشهى المأكولات والذها ..وبين من يكتفي ((بلفة فلافل)) …سوى الوطنية والمبادىء …حققوا العدالة …قبل ان تكونوا طعاما للثوار الجائعين ..
ايها الاباء ايتها الامهات …ادعوكم بالاهتمام بابنائكم واوصيكم بالاخلاق اجعلوها محاضرات يومية مع وجبات الفطور والغداء والعشاء …..فالاخلاق اسس الحياة وثباتها ….
وختاما اهديك سيدتي وسيدي رائعة شاعرنا الكبير احمد شوقي بصدد الاخلاق ..عندما قال ..
انما الامم الاخلاق ما بقيت فأن هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا
صلاح امرك للأخلاق مرجعه فقومْ النفس بالاخلاق تستقم
اذا اصيب القوم في اخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا …
فالأمم تضمحل وتندثر اذا ما انعدمت فيها الاخلاق
فساد فيها الكذب والخداع والغش والفساد حتى ليأتي يوم يصبح فيها الخلوق القوي الامين غريبا منبوذا لا يؤخذ له رأي ولا تستند اليه امانة فَمَنْ يريد الامين فيه ؟؟ في بلد عم فيه الفساد وساد فيه الكذوب الخدَاع المنافق.
|