إطالة الحرب مع داعش عجز وفشل أم أمر مخفي؟


يحيط الغموض بما يجري في سوح المعارك ضد الإرهاب وما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش " حتى أننا بدأنا نشكك بالبيانات والبلاغات حول سير المعارك وقتلى داعش إذا ما أحصينا البلاغات بالآلاف وإمكانيات الجيش العسكرية وجاهزيته في القتال وتسلل الشك إلى الحشد الشعبي الذي أثير حوله ضجة بما يملكه من قدرات خارقة مستمدة من القوة الغبية وهو قادر على إنهاء داعش خلال أسابيع وقد جهز بقدرات قتالية من أسلحة وذخائر وقوى بشرية كبيرة وانظمت إليه الميليشيات المعروفة وهو أمر لا سر فيه ولا تقية، فإذا ما أضيف لهم الدعم العسكري الفعلي والاستشاري من قبل البعض من جنرالات عسكرية إيرانية وعلى رأسهم الجنرال قائد جيش القدس قاسم سليماني واعتراف رئيس الجمهورية الإيراني حسن روحاني والمستشارين الأمريكان وغيرهم ومئات الطائرات للتحالف الدولي التي تدك معاقل داعش فهي قوة لا غبار عليها ضد ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش"، إلا أن موضوع حسم التوجه لإنقاذ البلاد من الشر المحيط به ومن الحرب العلنية والسرية التي تطحن آلاف المواطنين العراقيين يبقى ضبابياً ولا آفاق لرؤية ليس نهايته فحسب بل البداية في التوجه الحقيقي لفعل أمر ملزم وواقعي وهو يعد اخطر من الحرب نفسها لأنه يبقى مجرد هاجساً لحلم المواطن بالتخلص من المصير المجهول الذي ينتظره وينتظر البلاد، فالتصريحات التي أدلى بها المسؤولين في البداية كانت توعد بالتخلص من داعش بفترة قياسية ولم تمر إلا فترة قليلة حتى تراجعت إلى الوراء متهمة القوى الأخرى وحتى الأمريكان بأنهم يسعون لإطالة الحرب ودعم داعش بطرق عديدة وان الأمريكان يقفون حائلاً أمام القوات العراقية والحشد الشعبي لتحرير الانبار وغيرها، والمتبصر في الأمور يقارن ما بين الأعمال والأفعال فيجد مئات الغارات الجوية من طائرات أمريكية والتحالف الدولي وعشرات المستشارين والأسلحة التي وباعتراف المسؤولين العراقيين قدمت وما زالت تقدم، فضلاً عن الأخبار تسربت عن إرسال جنوداً أمريكيين للمشاركة، بينما ينفى البعض من المسؤولين العراقيين هذا الأمر وهم يتفننون في إطلاق التهم على الآخرين بما فيهم قوى سياسية تشارك في العملية السياسية والحكومة، ويبقى السؤال الذي يحير الكثير من المتابعين ـــ ماذا فعلوا بالقوات العراقية من جيش وشرطة وغيرهم؟ حتى أصابهم هذا الهزال والضعف حسب تصريحات قادة عسكريين عراقيين وفي مقدمتهم وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي الذي أكد خلال جلسة استضافته في لجنة الأمن والدفاع النيابية في 15 من أيلول الجاري تطويق الرمادي على داعش، وان القطعات العسكرية تحتاج إلى وقت لتحريرها لتقليل وتفادي الخسائر بأكثر قدر ممكن".بينما عاكسه قول قائد القوات البرية الفريق الركن رياض جلال توفيق الاثنين الماضي أن " تطهير الرمادي بات قريباً وان الهدف الأساس هو الحفاظ على البنية التحتية للمدينة وكذلك أرواح المدنيين".
فمن نصدق؟ أليس الأمر يحير ملايين العراقيين الذين ينتظرون تحرير المحافظات الغربية وغيرها من إرهاب داعش والميليشيات الطائفية المسلحة وعودة النازحين والمهجرين الذين يعدّون بمئات الالاف إلى ديارهم، وفي المقابل نجد هناك تصريحات أمريكية تغاير هذه التصريحات حيث أكدت أن القوات العراقية كافية لتحرير الرمادي والأمريكان سيقدمون الدعم لها وفي هذا الصدد فان متحدثاً باسم القيادة المركزية للجيش الأمريكي الكولونيل بات ريد صرح يوم الجمعة 25 / 9 / 2015 " ندرك أن العراقيين لم يحققوا أي تحرك مهم للأمام في الفترة الأخيرة، ونواصل تشجيع قادة قوات الأمن العراقية على التحرك بأسرع ما يمكن لحرمان داعش من الوقت والمساحة لتجميع صفوفها وإعادة التزود بالإمدادات" لكن الفشل الذي مازال يلازم الجيش العراقي في أن يسترد مصفاة بيجي وهي اكبر مصفاة للبترول وبعد حوالي ( 15 ) شهراً من القتال المرير يؤكد بان التوجه الحكومي لاستعادة مدينة الموصل تحوم حوله الشكوك وإطالة الحرب لأغراض مبيتة تخدم مصالح أولئك الذين ساعدوا على احتلالها بشكل مباشر وغير مباشر؟ أو لسبب معروف هو الفساد الذي عصف بكيان الدولة ومؤسساتها بما فيها الجيش الذي تلقى تدريبات أمريكية وصرف عليه حسب إحصائيات موثقة حوالي ( 20 ) مليار دولار ولنحسبها على العملة العراقية فسوف نجد الهوائل الذي أصابها ولم يستطع الدينار العراقي أن يقف على قدميه منذ حوالي ( 12 ) عام بينما للمقارنة بعد طرد الجيش العراقي في عهد البعث وصدام حسين من الكويت لم تمر إلا فترة قليلة عاد بعدها الدينار الكويتي بقوته وعنفوانه، وللمقارنة أيضاً بين موارد العراق وموارد الكويت الضعيفة بالنسبة للعراق.. ويبدوان ما صرف على الحشد الشعبي يفوق المبلغ أعلاه وهذا ما لوح به نوري المالكي بحجة سيادة العراق المهدورة أصلاً حينما توعد في كلمة خلال مؤتمر عشائري في كربلاء لدعم الحشد الشعبي ونشرته شفق نيوز السبت 26-09-2015 " هيهات السلاح بيدنا والإرادة وصندوق الانتخابات ولا نتراجع أبداً لمثل هذه الشراذم" لم يوضح المالكي منهم الشراذم ؟" التي ملأت ارض العراق بالشهداء من أبنائه من مختلف المكونات " فهل هو الإرهاب وداعش فقط أم أيضاً الميليشيات والمافيات والدعوات لتصفية الخصوم السياسيين حتى المعارضين سلمياً ؟ وهل السلاح ومن يحمله الذي يعنيه نوري المالكي تحت قبضة يديه يحركه مثلما يشاء وفي الوقت الذي يريده؟ وهل صندوق الانتخابات الذي جرى التجاوز عليه بقانون غير عادل اقل ما فيه انه أداة للاستيلاء على الأصوات من قبلهم بدون حق وهو باطل الأباطيل مازال يتحكم فيه ومنه يستمد العزم للهيمنة؟ هل ما زال نوري المالكي نائباً لرئيس الجمهورية على الرغم من الإعفاء له ولغيره وتصويت البرلمان على ذلك حتى يصرح ويهدد ويتقول بدون أية محاسبة من قبل الحكومة وبالذات رئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس الجمهورية؟،ليس ما جاء به نوري المالكي حول تقسيم العراق جديداً فلطالما وأثناء تواجده في الموقع الأول حُذر من أن سياسته ذات التوجه الطائفي ستكون وبالاً وأداة للتقسيم والحرب وما نشهده الآن من تقسيم حتى بالجغرافيا والتدخلات الأجنبية والحرب الدائرة وزيادة التفجيرات والخطف والفساد هي من بركات سياسته وان حاول في الوقت المتأخر الوقوف بوجه التقسيم ولهذه نقول ـــ مَنْ يريد أن يخدع نوري المالكي بقوله هذا ؟ فبدلاً من محاسبته قضائياً وحسب تقرير اللجنة البرلمانية القانونية عن ضياع الموصل ومناطق أخرى والضحايا يظهر بأنه المنقذ والمتحكم بما تحت يديه من قوى بشرية وأسلحة فتاكة وكأنه تنويه من أن هذه القوة والسلاح هما " الحشد الشعبي " ولهذا تابع ملوحاً " هناك حركة خبيثة جديدة للقضاء على الحشد الشعبي كونه أصبح رمزا للقوة والوحدة والاستقرار، من خلال التشويه باتهامات باطلة خلفها مخططات سياسية". لكن الأمر لم ينطل على لجنة الأمن النيابية التي سارعت وعلى لسان ماجد الغراوي عضو اللجنة الذي دعا نوري المالكي إبعاد الحشد الشعبي من " المهاترات السياسية " وقال ماجد الغراوي" دعوة المالكي في تدخل الحشد الشعبي لحماية العملية السياسية غير صحيح" وعقب فاضحاً هذا التوجه وداعياً نوري المالكي إلى المساندة الفعالة والجدية واتهمه بشكل مباشر أن "اغلب ما وصل إلية الوضع الأمني من إرباك وتدهور بسبب أداء حكومته"وأشار أن المهمة الأساسية المكلف بها الحشد الشعبي محاربة التنظيم الإرهابي داعش وليس التدخل في العملية السياسية وهذا ما أكدته المرجعية .
منذ البداية نَصحت وطالبت القوى الوطنية والديمقراطية الحريصة، أن إنقاذ البلاد يبدأ بالمصالحة الوطنية ( ليس مع الإرهاب ولا الميليشيات الطائفية ولا من تلطخت أيديهم بدم الشعب) بل مصالحة حقيقية في سبيل المواطنة ومحاربة الفساد الوجه الثاني لعملة الإرهاب والمحاصصة للانتقال إلى دولة المواطنة ،إلا أن الطرش أصاب أذانهم وها هي النتائج الكارثية ماثلة أمام أنظار العراقيين والعالم ، واليوم على الرغم من تكذيب التدخل الأمريكي هناك أخباراً شبه مؤكده على وجود القوات الأمريكية في مناطق الرمادي وهي تكثف دورياتها البرية حسب ما نقله مصدر امني في محافظة الانبار أن "هذه الدوريات التي بدأت تتحرك في مناطق متفرقة تخضع لسيطرة تنظيم داعش، قامت بأخذ معلومات وإحداثيات على شكل خرائط" وان "الدوريات تشمل دبابات عسكرية ومدرعات ترافقها طائرات أباتشي"كما جرى التأكيد على تدريب القوات العراقية " وتأهيلها " وتقديم الدعم اللوجستي لها، هذا الخبر إذا ما صح فهو يعني عدم قدرة الحكومة العراقية الحالية والسابقة وحتى من يقف بالضد من هذه التدخلات على محاربة داعش لان من يحارب داعش عليه أن يتخلص من مافيا الفساد والقتل والخطف والتهديد واغتيال الناشطين في المظاهرات الأخيرة ومحاربتهم ومن البعض من الميليشيات وزعماءها المعروفين التي تقف بالضد من حيدر العبادي وإصلاحاته المعلنة، كما يؤكد أيضاً على الضبابية في قضية تحرير المحافظات الغربية وتحقيق الإصلاح الحقيقي الفعلي وليس الإعلامي الذي وعد به رئيس الوزراء حيدر العبادي ومعالجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في المحافظات جميعها وتلبية مطالب الجماهير المنتفضة على الفساد وعلى الإرهاب، ويبقى الانتصار على داعش وكأنه حلم لن يتحقق بالسرعة التي أعلنها السيد نوري المالكي "شهر ونقضي عليهم" وها هو الشهر أل ( 15 ) ورحل المالكي وبقى داعش ولم يرحل، رحل نوري المالكي من حلم الولاية الثالثة التي قاتل من اجلها بضراوة لكنه مازال باقياً ( على عينك يا تاجر ) يملك السلاح والمال والإرادة وصندوق الانتخابات تحت قبضته ومن يعارض ليبلط البحر!! ونتحدى حيدر العبادي وفؤاد معصوم وغيرهم أن يقولوا له جملة واحدة صغيرة " كفى.. لا تتدخل"