حاجة مجتمعاتنا للتنوير
       
تشهد مجتمعاتنا العربية امراض العنف والكراهيات الطائفية ، وظواهر التطرف والتعصب الديني والمذهبي ، وتجتاحها الحركات السلفية والاصولية التكفيرية ذات الثقافة الماضوية التي تقدس الماضي والسلف وتتبنى حلولاً ماضوية ، وتسعى الى ازاحة واغتيال كل ما هو عقلاني في التراث العربي الاسلامي  ، ويتعرض ما تبقى من مثقفين نقديين وتقدميين وعلمانيين لحملات تحريضية وتكفيرية ظالمة بسبب افكارهم ومعتقداتهم ومواقفهم الجريئة من التوظيف السياسي للدين ، ومعارضتهم لمسلكيات وممارسات الاصوليين التكفيريين فرض وصايتهم الاخلاقية على المجتمع والغاء الاخرين .وكذلك دفاع هؤلاء المثقفين ومناداتهم بقيم العقل والحرية والابداع والسؤال والاجتهاد الديني وضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة . 
ولا ريب ان ما يحدث في مجتمعاتنا من تراجع حضاري وتطرف مذهبي وصراع هويات ضيق ، يعود بالاساس الى تهميش فكر التنوير النقدي عن منابر التوجيه والتثقيف والتوعية ، ولذلك فإن مجتمعاتنا العربية تحتاج اليوم لهذا الفكر لأجل تخطي وتجاوز ازماتها واوضاعها المتردية ، والتصدي للخطاب التكفيري وتجديد الخطاب الديني ، وخلق وعي ديني اسلامي جديد ينسجم مع المتغيرات والتطورات العصرية والحضارية ، والعمل على نشر الفكر التنويري الداعي الى اعمال العقل ، وترسيخ الثقافة الانسانية الحضارية التي تؤمن بالمستقبل والقيم السامية النبيلة واحترام الاخر والفكر المختلف .