احسبوها مني غشامية او قلة معرفة او جهلا، ان احببتم، لو قلت لكم اني لحد دخولي الكلية لم اكن اعرف ان الاتحاد السوفييتي قوة نووية. كل اعتقادي قبل ذلك كان انه قوة ثقافية. ازيدكم أكثر بانه كان في تصوري قطبا إنسانيا قويا وليس عسكريا. عندما جاءني أخي يحيى وهو في الثاني بكلية الإدارة والاقتصاد ليخيرني ان هناك بعثة الى الاتحاد السوفييتي في علوم النفط قلت له استقتل من اجلها. شلون وانا قطعت نصف مرحلة دراستي الجامعية؟ اذهب يا ابن والدي هناك لتتذوق طعم الانسانية والوعي. اذهب يا أخي وتمتع بمعنى الحياة ولا تندم على سنتين بلا حياة. وفعلا استمع لي وذهب وأبدع في دراسته واستفاد وظل الى اليوم يتغنى بطعم حياته الرائعة التي قضاها هناك. لا اخفيكم انني كنت أحب الاتحاد السوفييتي من خلال الكتب والمجلات ولا شيء آخر. علاقة حميمة حد العشق كان سببها المركز الثقافي السوفييتي الذي كان يقع في آنها وسط شارع أبي نؤاس. مشيا اقطع على الاقدام اقصده كي اعود منه محملا بأجمل كتب ومجلات الأطفال. كانت رائحة الكتب والمنشورات لذيذة تظل ترافقني طوال طريق العودة للبيت. تصبح ألذ عند الغروب حيث تمتزج مع رائحة وردة الشبوي (ملكة الليل). امشي وكأن لينين صديق بعمري يرافقني. حسرات حارة عادت بي لذكريات المركز الثقافي السوفييتي وانا اسمع واقرأ واشاهد في الاخبار أحاديث وتحليلات عن مركز استخباراتي حربي روسي إيراني عراقي مشترك. سألت وتساءلت مع نفسي: أما كان الأجمل ان يعاد افتتاح المركز الثقافي السوفييتي حتى ولو سمي "روسيا" بدلا من هذا؟ انا عراقي منفي باحث عن الفرح والحياة كأي عراقي ورث كره الموت عن جده جلجامش. اريد مركزا ملاذا ألوذ به وقت الحرّ واشتداد الحنين للوطن لأشارك في رقصة او اغنية عراقية روسية مشتركة. او اجلس بقرب عراقية تتصفح رواية دوستويفسكي لتضيء السطر الاخير بلون خدها المتورد. يا أيها الروس عودوا لنا بالفرح قبل السلاح. وبالروايات والأفلام والسمفونيات، التي حرّمها علينا بعض الجالسين معكم اليوم في المركز الجديد. صديقك الشاعر عريان السيد خلف يا "تفاريش" كان يسأل: وكول إشوالف السرحان للشــاة إعله سـچّه وكاوداه الإيد بالإيـــد؟
|