الإعتماد المستندي أثره في أعمال الإستيراد 2-2 |
سيواجهنا البعض باعتراضات قد تنشأ عن مفهوم اخر، هو ان عملية فتح الاعتماد وشحن البضاعة والمراسلات المتبادلة فيها تستغرق وقتاً طويلاً، لا يناسب السوق الذي تسوده روح هلع وتراكض في مختلف الاتجاهات بهدف اتمام عملية البيع والشراء والتوزيع في وقت قصير طمعاً في تحقيق الربح السريع. ربما يكون هناك هامش جزئي من الحق في هذا الاعتراض، اذا ما شمل فقط الصفقات البسيطة ولبضائع استهلاكية موسمية سريعة كتلك المطلوبة في شهر رمضان وفي المناسبات عموماً. وهذه تمكن طلبها من المجهزين بشكل مباشر استناداً الى اجازة الاستيراد وما تنص عليه. وعندما يقوم المجهز بشحن البضاعة، ويقدم مستندات شحنها الى المصرف الذي يتعامل معه ليرسلها بدوره الى المصرف العراقي الذي يتعامل معه المستورد، وهذه المستندات مماثلة تماماً لتلك المطلوبة في خطاب الاعتماد، ليتم سداد القيمة للمصرف وتسلمها ليقوم باخراج البضاعة من الحوزة الكمركية. هذه الطريقة في الاستيراد تعرف بـ: (الحوالة المستندية أو السحب المسـتندي Documentary collection) وتحقق للأطراف المتعاملة بها امور عديدة أولها الطمأنينة للبائع الذي يرسل البضاعة دون ضمان سوى أنه يرسلها عن طريق طرف ثالث موثوق ومعتمد ألا وهو المصرف الذي لن يسلم مستندات اخراج البضاعة من حوزة الكمارك الا بعد تسلم القيمة، التي يحولها فوراً للبائع أو المصدر. وهذه الطريقة أيضاً – كانت سائدة في تعاملات المصدرين في البلدان الاخرى مع وكلائهم الذين يقومون بتسويق المنتج وتحويل أقيامه لقاء عمولة متفق عليها. أو متبعه بين المصدر والمستورد الذين عرف بعضهم البعض نتيجة التعامل عبر سنين طويلة عززت الثقة بينهما. ولعل معترضون اخرون، سيردون علي بأن قواعد التعامل في الماضي لا يمكن اتباعها بعد أن انفتح العالم وأصبح بامكان أي تاجر أن يشتري البضائع حتى من الارصفة التي تعج بها مدن الصين ويسدد أقيامها نقداً ويشحنها بالفاتورة وبالمواصفات التي تروق له بالنوعية والقيمة. وهذا صحيح وسائد في يومنا هذا خاصة في سوق العراق الذي فرض عليه – وقبل ان يبلغ الرشد – ان يتقمص ويلتحف بشعار اقتصاد السوق الذي تسبب بتكديس كل البضائع البائرة في العالم، والتي بدأت بادخال اكثر من مليوني سيارة عمرها بين 10-20 سنة الى العراق دون تدقيق أو سيطرة أو كمارك أو حتى حدود. ولقد وقعنا في خطأ كبير بعد أن اغرتنا الفعاليات التجارية المنفلتة التي تسببت في تشويه المفاهيم التي تسود في بلدان اقتصاد السوق، التي لا تسمح لكل بضاعة أن تدخل الا وفق قياسات مبرمجة في سيطرة نوعية تساهم في تنظيم ليس الاسواق فحسب بل الذوق الاجتماعي الذي تتميز به المجتمعات، وهو ما تسبب في حالات تعكس ملامح اخرى الى تلك التي شخصها المرحوم الدكتور علي الوردي. وما نخلص اليه هو ان البيع والشراء عبر الحدود يجب أن يخضع لاصول وأعراف وقواعد وقوانين. وما علينا الا ان ندرك بان التاجر الذي يغامر بماله ويخرج به من البلاد انما يتسبب في تعريض جزء من الثروة القومية للمخاطر، وهو ما درجت معظم القوانين في العالم ومنها قوانيننا على عدم مشروعيته وعدم السماح به. وخاصة عندما تكون الصفقات كبيرة الحجم في الكمية والقيمة، فانها لا يصح مطلقاً القبول بها الا عن الطرق الاصولية، اذ ربما تخضع هذه العمليات لملاحقات قانونية دولية تضر بسمعة البلاد.
|